Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 57-59)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً } قال ابن عباس : كان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ، ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادُّونهما ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية . { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً } ، بإظهار ذلك بألسنتهم قولاً وهم مستبطنون الكفر ، { مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ } ، يعني : اليهود ، { وَٱلْكُفَّارَ } ، قرأ أهل البصرة والكسائي " الكفار " بخفض الراء ، [ يعني : ومن الكفار ] ، وقرأ الآخرون بالنصب ، أي : لا تتخذوا الكفار ، { أَوْلِيَآءَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } . قوله تعالى : { وَإِذَا نَـٰدَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } ، قال الكلبي : كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادى إلى الصلاة وقام المسلمون إليها ، قالت اليهود : قد قاموا لا قاموا ، قاموا وصلوا لا صلوا ، على طريق الاستهزاء ، وضحكوا ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية . وقال السدي : نزلت في رجل من النصارى بالمدينة كان إذا سمع المؤذن يقول : أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله ، قال : حُرق الكاذبُ ، فدخل خادمه ذات ليلة بنارٍ [ هو وأهله نيام ] ، فتطايرت منها شرارة فاحترق البيت واحترق هو وأهله . وقال الآخرون : إن الكفار لما سمعوا الأذان حسدوا المسلمين فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : يامحمد لقد أبدعت شيئاً لم نسمع به فيما مضى من الأمم فإن كنت تدعي النبوّة فقد خالفت فيما أحدثت الأنبياء قبلك ولو كان فيه خير لكان أولى الناس به الأنبياء ، فمن أين لك صياح كصياح [ العنز ] ، فما أقبح من صوت وما أسمج من أمر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ونزل { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ } الآية . قوله عزّ وجلّ : { قُلْ يَـٰۤأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ } الآية ، قرأ الكسائي : " هل تنقمون " ، بإدغام اللام في التاء ، وكذلك يدغم لام هل في التاء والثاء والنون ، ووافقه حمزة في التاء والثاء وأبو عمرو في " هلْ ترى " في موضعين . قال ابن عباس : أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم نفرٌ من اليهود ، أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع وغيرهما ، فسألوه عمّن يؤمن به من الرسل ، فقال : " « أؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل » إلى قوله : « ونحنُ له مسلمون » " ، فلما ذكر عيسى عليه السلام جحدوا نبوته ، وقالوا : والله ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ، ولا ديناً شراً من دينكم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . { قُلْ يَـٰۤأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ } ، أي : هل تكرهون منا ، { إِلاَّ أَنْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَـٰسِقُونَ } ، أي : هل تكرهون منا إلا إيماننا وفسقكم ، أي : إنّما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أنّا على حق ، لأنكم فسقتم بأن أقمتم على دينكم لحب الرياسة وحب الأموال .