Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 72-75)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ } ، وهم الملكانية واليعقوبية منهم ، { وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِىۤ إِسْرَٰءِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبُّى وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } . { لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } يعني : المرقوسية ، وفيه إضمار معناه : ثالث ثلاثة آلهة ، لأنهم يقولون : الإلهية مشتركة بين الله تعالى ومريم وعيسى ، وكل واحد من هؤلاء إله فهم ثلاثة آلهة ، يبيّن هذا قوله عزّ وجلّ للمسيح : { أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } [ المائدة : 116 ] ، ومن قال : إن الله ثالث ثلاثة ولم يرد به الإلهية لا يكفر ، فإنّ الله يقول : { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } [ المجادلة : 7 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه : " ما ظنك باثنين اللَّهُ ثالثهما " . ثم قال رداً عليهم : { وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَٰحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ } ، [ ليصيبينَّ ] ، { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، خصّ الذين كفروا لعلمه أنّ بعضم يؤمنون . { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ } ؟ قال الفراء : هذا أمر بلفظ الاستفهام ؛ كقوله تعالىٰ : { فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ } [ المائدة : 91 ] ، أي : انتهوا ، والمعنى : أن الله [ يأمركم ] بالتوبة والاستغفار من هذا الذنب العظيم ، { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . قوله تعالى : { مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ } ، [ مضت ] ، { مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ } ، أي : ليس هو بإله بل هو كالرسل الذين مضوا لم يكونوا آلهة ، { وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ } ، أي : كثيرة الصدق . وقيل : سُمّيت صديقة لأنها صدقت بآيات الله ، كما قال عزّ وجلّ في وصفها : { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَـٰتِ رَبِّهَا } [ التحريم : 12 ] ، { كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } ، أي : كانا يعيشان بالطعام والغذاء كسائر الآدميين ، فكيف يكون إلهاً من لا يقيمه إلا أكل الطعام ؟ وقيل : هذا كناية عن الحَدَث ، وذلك أن من أكل وشرب لا بدّ له من البول والغائط ، ومن هذه صفته كيف يكون إلهاً ؟ ثم قال : { ٱنظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلأَيَـٰتِ ثُمَّ ٱنْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } ، أي : يُصرفون عن الحق .