Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 33-40)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَّنْ خَشِىَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } ، محل " مَنْ " جر على نعت الأوّاب . ومعنى الآية : من خاف الرحمن وأطاعه بالغيب ولم يره . وقال الضحاك والسدي : يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد . قال الحسن : إذا أرخى الستر وأغلق الباب . { وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } ، مخلص مقبل إلى طاعة الله . { ادْخُلُوهَا } ، أي : يُقال لأهل هذه الصفة : ادخلوها ، أي : ادخلوا الجنة . { بِسَلَـٰمٍ } ، بسلامة من العذاب والهموم . وقيل : بسلام من الله وملائكته عليهم . وقيل : بسلامة من زوال النعم ، { ذَٰلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } . { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا } ، وذلك أنهم يسألون الله تعالى حتى تنتهي مسألتهم فيعطَوْن ما شاؤوا ، ثم يزيدهم الله من عنده ما لم يسألوه ، وهو قوله : { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } ، يعني الزيادة لهم في النعيم ما لم يخطر ببالهم . وقال جابر وأنس هو النظر إلى وجه الله الكريم . قوله عزّ وجلّ : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِى ٱلْبِلَـٰدِ } ، ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا ، وأصله من النقب ، وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق ، { هَلْ مِن مَّحِيصٍ } ، فلم يجدوا محيصاً من أمر الله . وقيل : " هل من محيص " مفرّ من الموت ؟ فلم يجدوا منه مفرّاً ، وهذا إنذار لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفراً عن الموت يموتون ، فيصيرون إلى عذاب الله . { إِنَّ فِى ذَٰلِكَ } ، فيما ذكرت من العبر والعذاب وإهلاك القرى ، { لَذِكْرَىٰ } ، تذكرة وعظة ، { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } ، قال ابن عباس : أي عقل . قال الفرَّاء : هذا جائز في العربية ، تقول : مالكَ قلب ، وما قلبك معك ، أي ما عقلك معك . وقيل : له قلب حاضر مع الله . { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ } ، استمع القرآن ، واستمع ما يقال له ، لا يحدث نفسه بغيره ، تقول العرب : ألقِ إليَّ سمعكَ ، أي استمعْ ، { وَهُوَ شَهِيدٌ } ، أي حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه . قوله عزّ وجلّ : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } ، إعياء وتعب . نزلت في اليهود حيث قالوا يا محمد أخبرنا بما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة ، فقال : " خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، والجبال يوم الثلاثاء ، والمدائن والأنهار والأقوات يوم الأربعاء ، والسموات والملائكة يوم الخميس إلى ثلاث ساعات من يوم الجمعة ، وخلق في أول الثلاث الساعات الآجال ، وفي الثانية الآفة ، وفي الثالثة آدم " قالوا : صدقتَ إن أتممت ، قال : وما ذاك ؟ قالوا : ثم استراح يوم السبت ، واستلقى على العرش ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردّاً عليهم . { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } ، من كذبهم فإن الله لهم بالمرصاد ، وهذا قبل الأمر بقتالهم ، { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ } ، أي : صلِّ حمداً لله ، { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } ، يعني : صلاة الصبح ، { وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } ، يعني : صلاة العصر . ورُوي عن ابن عباس قال : " قبل الغروب " : الظهر العصر . { وَمِنَ ٱلَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } ، يعني : صلاة المغرب والعشاء . وقال مجاهد : " ومن الليل " أي : صلاة الليل أيّ وقتٍ صلّى . { وَأَدْبَـٰرَ ٱلسُّجُودِ } قرأ أهل الحجاز وحمزة : " وإِدبار السجود " بكسر الهمزة ، مصدر أدبر إدباراً ، وقرأ الآخرون بفتحها على جمع الدبر . قال عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي : " أدبار السجود " الركعتان بعد صلاة المغرب ، وأدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر . وهي رواية العوفي عن ابن عباس . وروي عنه مرفوعاً ، هذا قول أكثر المفسرين . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أخبرنا أو جعفر محمد بن عبد الجبار الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا أبو أيوب الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشدَّ مُعَاهدةً منه على الركعتين أمام الصبح . أخبرنا أبو عثمان سعيد بن إسماعيل الضبي ، أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا صالح بن عبد الله ، حدثنا أبو عَوانة عن قتادة ، عن زرارة بن أبي أوْفَى ، عن سعيد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها " . أخبرنا أبو عثمان الضبي ، أخبرنا أبو محمد الجراحي ، أخبرنا أبو العباس المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا بَدل بن المحبَّ ، حدثنا عبد الملك بن معدان عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ما أُحصي ما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر : بقلْ يا أيها الكافرون ، وقلْ هو الله أحد . قال مجاهد : { وَأَدْبَـٰرَ ٱلسُّجُودِ } هو التسبيحُ باللسانِ في أدبار الصلوات المكتوبات . أخبرنا أبو الحسن طاهر بن الحسين الرُّوقي الطوسي بها ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن أيوب ، أخبرنا مسدد ، حدثنا خالد هو ابن عبد الله ، حدثنا سهيل عن أبي عبيد عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سبّحَ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين ، وكبّر الله ثلاثاً وثلاثين ، وحَمِدَ الله ثلاثاً وثلاثين ، فذلك تسعة وتسعون ، ثم قال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، غُفرت خطاياهُ وإنْ كانتْ مثلَ زبد البحر " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا إسحاق ، أخبرنا يزيد أخبرنا ورقاء عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : " قالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم ، قال : كيف ذاك ؟ قالوا : صلّوا كما صلينا وجاهدوا كما جاهدنا ، وأنفقوا من فضول أموالهم وليستْ لنا أموال ، قال : " أفلا أخبركم بأمر تدركون من كان قبلكم وتسبقون من جاء بعدكم ، ولا يأتي أحد بمثل ما جئتم به إلاّ من جاء بمثله : تسبحون في دُبِرِ كلِّ صلاةٍ عشراً ، وتحمدون عشراً ، وتكبرون عشراً " .