Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 25-32)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَّنَّـٰعٍ لِّلْخَيْرِ } , أي للزكاة المفروضة وكلَّ حقٍ وجب في ماله ، { معتدٍ } ، ظالم لا يقر بتوحيد الله ، { مُّرِيبٍ } ، شَاكٍّ في التوحيد ، ومعناه : داخل في الرَّيب . { ٱلَّذِى جَعَلَ مَعَ ٱللهِ إِلَـٰهاً ءَاخَرَ فَأَلْقِيَـٰهُ فِى ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } ، وهو النار . { قَالَ قَرِينُهُ } ، يعني الشيطان الذي قُيِّضَ لهذا الكافر ، { رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ } ، ما أضللته وما أغويته ، { وَلَـٰكِن كَانَ فِى ضَلَٰـلٍ بَعِيدٍ } ، عن الحق فيتبرأ عنه شيطانه ، قال ابن عباس وسعيد بن جبير ومقاتل : " قال قرينه " يعني المَلَك ، قال سعيد بن جبير : يقول الكافر يا رب إن الملك زاد عليَّ في الكتابة ، فيقول الملك : " ربنا ما أطغيتُه " ، يعني ما زدتُ عليه وما كتبتُ إلاّ ما قال وعمل ، ولكن كان في ضلال بعيد ، طويل لا يرجع عنه إلى الحق . { قَالَ } ، فيقول الله { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } ، في القرآن وأنذرتكم وحذرتكم على لسان الرسول ، وقضيت عليكم ما أنا قاضٍ . { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ } ، لا تبديل لقولي ، وهو قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وٱلنَّاسِ أَجْمَعِين } [ السجدة : 13 ] ، وقال قوم : معنى قوله : { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ } أي : لا يُكْذَبُ عندي ، ولا يغير القول عن وجهه لأني أعلم الغيب . وهذا قول الكلبي ، واختيار الفرَّاء لأنه قال : { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ } ولم يقل ما يبدل قولي . { وَمَآ أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } ، فأعاقبهم بغير جرم . { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ } ، قرأ نافع وأبو بكر " يقول " بالياء ، أي : يقول الله ، لقوله : { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ } ، وقرأ الآخرون بالنون ، { هَلِ ٱمْتَلأْتِ } ، وذلك لِما سبق لها من وعده إيّاها إنه يملؤها من الجِنة والناس ، وهذا السؤال من الله عزّ وجلّ لتصديق خبره وتحقيق وعده ، { وَتَقُولُ } ، جهنم ، { هَلْ مِن مَّزِيدٍ } ، قيل : معناه قد امتلأتُ ولم يبقَ فيَّ موضع لم يمتلئ ، فهو استفهام إنكار ، هذا قول عطاء ومجاهد ومقاتل بن سليمان ، وقيل : هذا استفهام بمعنى الاستزادة ، وهو قول ابن عباس في رواية أبي صالح ، وعلى هذا يكون السؤال بقوله : " هَلِ ٱمْتَلأتِ " ، قبل دخول جميع أهلها فيها . وروي عن ابن عباس : أن الله تعالى سبقت كلمته { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وٱلنَّاسِ أَجْمَعِين } [ السجدة : 13 ] ، فلما سيق أعداء الله إليها لا يُلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملؤها شيء ، فتقول : ألست قد أقسمتَ لتملأنِّي ؟ فيضع قدمه عليها ، ثم يقول : هل امتلأتِ ؟ فتقول : قطْ قطْ قد امتلأت فليس فيّ مزيد . أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ، أخبرنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ، حدثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزال جهنّم تقول هل من مزيد ، حتى يضع ربُّ العزّةِ فيها قدمه ، فتقول قطْ قطْ وعزتك ، ويُزوى بعضُها إلى بعض ، ولا يزال في الجنة فضل حتى يُنشئ الله خلقاً فيسكنه فضول الجنة " . { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ } ، قُرِّبت وأُدْنيت ، { لِلْمُتَّقِينَ } ، الشرك ، { غَيْرَ بَعيدٍ } ، ينظرون إليها قبل أن يدخلوها . { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ } ، قرأ ابن كثير بالياء والآخرون بالتاء ، يقال لهم : هذا الذي ترونه ما توعدون على ألسنة الأنبياء عليهم السلام ، { لِكُلِّ أوّابٍ } ، رجَّاع إلى الطاعة عن المعاصي . قال سعيد ابن المسيب : هو الذي يُذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب . وقال الشعبي ومجاهد : الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها . وقال الضحاك : هو التوّاب . وقال ابن عباس وعطاء : هو المسبِّح ، من قوله : { يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ } [ سبأ : 10 ] وقال قتادة : هو المصلي . { حَفِيظٍ } ، قال ابن عباس : الحافظ لأمر الله ، وعنه أيضاً : هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها . قال قتادة : حفيظ لما استودعه الله من حقه . قال الضحاك : الحافظ على نفسه والمتعهد لها . قال الشعبي : المراقب ، قال سهل بن عبد الله : هو المحافظ على الطاعات والأوامر .