Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 30-36)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * سَنَفْرُغُ لَكُمْ } ، قرأ حمزة والكسائي : سيفرغ بالياء لقوله : { يَسْأَلُهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } ، { وَلَهُ ٱلْجَوَارِ } ، فأتبع الخبر . وقرأ الآخرون بالنون ، وليس المراد منه الفراغ عن شغل ، لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن ، ولكنه وعيد من الله تعالى للخلق بالمحاسبة ، كقول القائل لأتفرغنّ لك ، وما به شغل ، وهذا قول ابن عباس والضحاك ، وإنما حسن هذا الفراغ لسبق ذكر الشأن . وقال آخرون : معناه سنقصدكم بعد الترك والإمهال ونأخذ في أمركم ، كقول القائل للذي لا شغل له قد فرغتَ لي . وقال بعضهم : إن الله وعد أهل التقوى وأوعد أهل الفجور ، ثم قال سنفرغ لكم مما وعدناكم ، وأخبرناكم ، فنحاسبكم ونجازيكم وننجز لكم ما وعدناكم ، فنتمَّ ذلك ويفرغ منه ، وإلى هذا ذهب الحسن ومقاتل . { أَيُّهَا ٱلثَّقَلاَنِ } ، أي الجن والإنس ، سميا ثقلين لأنهما ثقلا على الأرض أحياء وأمواتاً ، قال الله تعالى : { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [ الزلزلة : 2 ] ، وقال أهل المعاني : كل شيء له قدر ووزن ينافس فيه فهو ثقل . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " فجعلهما ثقلين إعظاماً لقدرهما . وقال جعفر بن محمد الصادق : سمي الجن والإِنس ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب { فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } . { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ } ، أي تجوزوا وتخرجوا ، { مِنْ أَقْطَـٰرِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ، أي من جوانبهما وأطرافهما ، { فَٱنفُذُواْ } ، معناه إن استطعتم أن تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السموات والأرض : فاهربوا واخرجوا منها ، والمعنى : حيثما كنتم أدرككم الموت ، كما قال جلّ ذكره : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ } [ النساء : 78 ] . وقيل : يقال لهم هذا يوم القيامة إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السموات والأرض فتُعْجِزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا ، { فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ } ، أي : بملك ، وقيل : بحجة ، والسلطان : القوة التي يتسلط بها على الأمر ، فالملك والقدرة والحجة كلها سلطان ، يريد حيثما توجهتم كنتم في ملكي وسلطاني . وروي عن ابن عباس قال : معناه : إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا ولن تعلموه إلا بسلطان أي ببينة من الله عزّ وجلّ . وقيل قوله : " إلا بسلطان " أي إلى سلطان كقوله : { وَقَدْ أَحْسَنَ بَىۤ } [ يوسف : 100 ] أي إليّ . { فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } ، وفي الخبر : يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ } ، الآية . فذلك قوله عزّ وجلّ : { يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ } ، قرأ ابن كثير : شِواظ بكسر الشين والآخرون بضمها ، وهما لغتان ، مثل صِوار من البقر وصُوار . وهو اللهب الذي لا دخان فيه هذا قول أكثر المفسرين . وقال مجاهد : هو اللهب الأخضر المنقطع من النار ، { وَنُحَاسٌ } ، قرأ ابن كثير وأبو عمر " ونحاسٍ " بجر السين عطفاً على النار ، وقرأ الباقون برفعها عطفاً على الشواظ . قال سعيد بن جبير والكلبي : " النحاس " : الدخان ، وهو رواية عطاء عن ابن عباس . ومعنى الرفع يرسل عليكما شواظ ، ويرسل نحاس ، أي يرسل هذا مرة وهذا مرة ، ويجوز أن يرسلا معاً من غير أن يمتزج أحدهما بالآخر ، ومن كسر بالعطف على النار يكون ضعيفاً لأنه يكون شواظ من نحاس ، فيجوز أن يكون تقديره : شواظ من نار وشيء من نحاس ، على أنه حكي أن الشواظ لا يكون إلا من النار والدخان جميعاً . قال مجاهد وقتادة : النحاس هو الصُّفْر المذاب يصب على رؤوسهم ، وهو رواية العوفي عن ابن عباس . وقال عبد الله بن مسعود : النحاس هو المهل . { فَلاَ تَنتَصِرَانِ } ، أي فلا تمتنعان من الله ولا يكون لكم ناصر منه . { فَبِأَىِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .