Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 5-10)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ، أي يعادون الله ورسوله ويشاقون ويخالفون أمرهما ، { كُبِتُوا } ، أُذِلوا وأُخزوا وأهلكوا ، { كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ ءَايَـٰتٍ بَيِّنَـٰتٍ وَلِلْكَـٰفِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } . { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوۤاْ أَحْصَاهُ ٱللَّهُ } , حفظ الله أعمالهم ، { وَنَسُوهُ ، وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ } ، قرأ أبو جعفر بالتاء , لتأنيث النجوى ، وقرأ الآخرون بالياء لأجل الحائل ، { مِن نَّجْوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ } ، أي من سرار ثلاثة , يعني من المسارَّة ، أي : ما من شيء يناجي به الرجل صاحبيه ، { إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ } ، بالعلم وقيل : معناه ما يكون من متناجين ثلاثة يسارُّ بعضهم بعضاً إلا هو رابعهم بالعلم يعلم نجواهم , { وَلاَ خَمْسَةٍ إلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } قرأ يعقوب " أكثرُ " بالرفع على محل الكلام قبل دخول " مِنْ " { ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } . { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ } , نزلت في اليهود والمنافقين , وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم , يوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسؤوهم ، فيحزنون لذلك ويقولون ما نراهم إلا وقد بلغهم عن إخواننا الذين خرجوا في السرايا قَتْلٌ أو موت أو هزيمة , فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلما طال ذلك عليهم وكثر شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ } أي المناجاة { ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عنه } ، أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها { وَيَتَنَٰجَوْنَ } ، قرأ الأعمش وحمزة : و " وينتجون " على وزن يفتعلون ، وقرأ الآخرون " يتناجون " , لقوله : { إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد نهاهم عن النجوى فعصوه ، { وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ } ، وذلك أن اليهود كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم { ويقولون } : السام عليك ، " والسام " : الموت , وهم يوهمونه أنهم يقولون : السلام عليك ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم فيقول : عليكم , فإذا خرجوا قالوا : { فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ } ، يريدون لو كان نبياً حقاً لعذبنا الله بما نقول ، قال الله عزّ وجلّ : { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِيرُ } . أخبرنا عبد الواحد المليحي , أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي , أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل , حدثنا قتيبة بن سعيد , حدثنا عبد الوهاب , حدثنا أبو أيوب عن ابن أبي مليكة , عن عائشة : " أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا : السام عليك , قال وعليكم ، فقالت عائشة : السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلاً يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش , قالت : أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال : أو لم تسمعي ما قُلت ؟ رددتُ عليهم ، فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم فيَّ " . ثم إن الله نهى المؤمنين أن يتناجوا فيما بينهم كفعل المنافقين واليهود فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِذَا تَنَٰجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } ، أي كفعل المنافقين واليهود وقال مقاتل أراد بقوله : " آمَنوا " المنافقين , أي آمنوا بلسانهم . قال عطاء : يريد الذين آمنوا يزعمهم , قال لهم لا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، { وَتَنَـٰجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِىۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } . { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } ، أي من تزيين الشيطان ، { لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُوا } ، أي إنما يزين لهم ذلك ليحزن المؤمنين ، { وَلَيْسَ } ، التناجي ، { بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً } ، وقيل : ليس الشيطان بضارهم شيئاً ، { إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلمُؤْمِنُون } . أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري , أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد ابن عبد الرحمن البزار , أخبرنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري , أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري , حدثنا عبد الرزاق أخبرنا مَعْمَر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه ، فإن ذلك يحزنه " .