Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 10-11)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ } ، يعني التابعين وهم الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة ، ثم ذكر أنهم يدعون لأنفسهم ولمن سبقهم بالإيمان والمغفرة ، فقال : { يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَـٰنِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غلاًّ } , غشاً وحسداً وبغضاً ، { لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم } ، فكل من كان في قلبه غِلٌّ على أحد من الصحابة ولم يترحم على جميعهم فإنه ليس ممن عناه الله بهذه الآية ، لأن الله تعالى رتّب المؤمنين على ثلاثة منازل : المهاجرين والأنصار والتابعين الموصوفين بما ذكر الله ، فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجاً من أقسام المؤمنين . قال ابن أبي ليلى : الناس على ثلاثة منازل : الفقراء المهاجرين ، والذين تبوؤا الدار والإيمان ، والذين جاؤوا من بعدهم ، فاجتهد أن لا تكون خارجاً من هذه المنازل . أخبرنا أبو سعيد الشريحي , أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي , أخبرنا عبد الله بن حامد , أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سليمان حدثنا ابن نمير , حدثنا أبي عن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الملك بن عمير عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت : أُمرتم بالاستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فسببتموهم سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تذهب هذه الأمة حتى يلعن آخرها أولها " . وقال مالك بن مغول : قال عامر بن شراحيل الشعبي : يا مالك تفاضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلة , سئلت اليهود : من خير أهل ملتكم ؟ فقالت : أصحاب موسى عليه السلام . وسئلت النصارى : من خير من أهل ملتكم ؟ فقالوا : حواريّ عيسى عليه السلام . وسئلت الرافضة : من شر أهل ملتكم ؟ فقالوا : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أمروا بالاستغفار لهم فسبُّوهم ، فالسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة , لا تقوم لهم راية ولا يثبت لهم قدم ، ولا تجتمع لهم كلمة , كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله بسفك دمائهم وتفريق شملهم وإدحاض حجتهم ، أعاذنا الله وإياكم من الأهواء المضلة . قال مالك بن أنس : من يبغض أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ، ثم تلا : { مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } ، حتى أتى على هذه الآية : { لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَـٰجِرِينَ … وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ … وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ } إلى قوله : { رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } . قوله عزّ وجلّ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَـٰفَقُواْ } ، أي أظهروا خلاف ما أضمروا : يعني : عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه ، { يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ } ، وهم اليهود من بني قريظة والنضير , جعل المنافقين إخوانهم في الدين ، لأنهم كفار مثلهم . { لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ } ، من المدينة ، { لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً } ، يسألنا خذلانكم وخلافكم ، { أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إنهم } يعني المنافقين { لَكَٰذِبُونَ } .