Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 106-108)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱتَّبِعْ مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } ، يعني : القرآن اعمل به ، { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ } ، فلا تجادلهم . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ } ، أي : ولو شاء لجعلهم مؤمنين ، { وَمَا جَعَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } ، رقيباً ، قال عطاء : وما جعلناك عليهم حفيظاً تمنعهم منّي ، أي : لم تبعث لتحفظ المشركين من العذاب إنّما بعثت مبلغاً . { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } . قوله عز وجل : { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الآية ، قال ابن عباس : لما نزلت : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء : 98 ] ، قال المشركون : يا محمد لتنتهين عن سَبِّ آلهتنا أو لنهجون ربك ، فنهاهم الله تعالى أن يسبوا أوثانهم . وقال قتادة : كان المسلمون يسبّون أصنام الكفار ، فنهاهم الله عزّ وجلّ عن ذلك ، لئلا يسبُّوا الله فإنهم قوم جهلة . وقال السدي : " لمّا حضرت أبا طالب الوفاة قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمرنّه أن ينهى عنّا ابنَ أخيه فإنا نستحي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب : كان يمنعه عمه فلما مات قتلوه . فانطلق أبو سفيان وأبو جهل والنضر بن الحارث وأمَيَّة وأُبيّ ابنا خلف وعقبة [ بن أبي مُعيط وعمرو بن العاص ، والأسود بن ] البختري إلى أبي طالب ، فقالوا : يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدُنا وإن محمداً قد آذانا وآلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذلك ، وعن ذكر آلهتنا ، ولندعنَّه وإلهه ، فدعاه فقال : هؤلاء قومك يقولون نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك ، وقد أنصفك قومك فاقبل منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتُم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم ؟ » قال أبو جهل : نعم وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها ، قال : فما هي ؟ قال : « قولوا لا إله إلاّ الله » ، فأبَوْا ونفروا ، فقال أبو طالب : قلّ غيرها يا ابنَ أخي ، فقال : يا عمُّ ما أنا الذي أقول غيرها ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدَيْ ، فقالوا : لتكفنّ عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنّك ونشتمنّ من يأمرك ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } " ، يعني : الأوثان ، { فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً } ، أي : اعتداء وظلماً ، { بِغَيْرِ عِلْمٍ } . وقرأ يعقوب { عُدُوَّاً } بضم العين والدال وتشديد الواو ، " فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : « لا تسبُّوا رَبَّكم » " ، فأمسك المسلمون عن سبّ آلهتهم . فظاهر الآية وإنْ كان نهياً عن سبّ الأصنام فحقيقته النهي عن سبّ الله تعالى ، لأنه سبب لذلك . { كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ } ، [ أي : كما زيّنا لهؤلاء المشركين عبادة الأوثان وطاعة الشيطان بالحرمان والخذلان ، كذلك زيّنا لكل أُمّة عملَهم ] من الخير والشر والطاعة والمعصية ، { ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم } ، ويُجازيهم ، { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .