Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 126-128)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { وَهَـٰذَا صِرَٰطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً } ، [ أي : هذا الذي بيّنا . وقيل : هذا الذي أنت عليه يا محمد طريق ربك ودينه الذي ارتضاه لنفسه مستقيماً ] لا عوج فيه وهو الإسلام . { قَدْ فَصَّلْنَا ٱالأَيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } . { لَهُمْ دَارُ ٱلسَّلَـٰمِ عِندَ رَبِّهِمْ } ، يعني : الجنّة ، قال أكثر المفسّرين : السلام هو الله وداره الجنّة . وقيل : السلام هو السلامة ، [ أي : لهم دار السلامة ] من الآفات ، وهي الجنة . وسميت دار السلام لأن كل من دخلها سَلِمَ من البلايا والرزايا . وقيل : سمّيت بذلك لأن جميع حالاتها مقرونة بالسلام ، فقال في الابتداء : { ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ } [ الحجر : 46 ] ، { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم } [ الرعد : 23 - 24 ] ، وقال : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [ الواقعة : 25 - 26 ] ، وقال : { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } [ إبراهيم : 23 ] { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] ، { وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، قال [ الحسين ] بن الفضل : يتولاهم في الدنيا بالتوفيق وفي الآخرة بالجزاء . قوله عزّ وجلّ : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } ، قرأ حفص : { يحشرهم } بالياء ، { جَمِيعاً } ، يعني : الجنّ والإنس يجمعهم في موقف القيامة فيقول : { يَـٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ } ، والمراد بالجن : الشياطين ، { قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُم مِّنَ ٱلإِنْسِ } ، أي : استكثرتم من الإنس بالإضلال والإغواء ، أي : أضللتم كثيراً ، { وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ } ، يعني : أولياء الشياطين الذين أطاعوهم من الإنس ، { رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ } . قال الكلبي : استمتاع الإنس بالجن هو أن الرجل كان إذا سافر ونزل بأرض قَفْرٍ خاف على نفسه من الجن ، قال : أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ، فيبيت في جوارهم . وأما استمتاع الجن بالإنس : هو أنهم قالوا قد سِدْنَا الإنس مع الجن ، حتى عاذوا بنا فيزدادون شرفاً في قومهم وعِظَماً في أنفسهم ؛ وهذا كقوله تعالى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } [ الجن : 6 ] . وقيل : استمتاع الإنس بالجن ما كانوا يُلْقون إليهم من الأراجيف والسحر والكهانة وتزيينهم لهم الأمور التي يهوونها ، وتسهيل سبيلها عليهم ، واستمتاع الجنّ بالإنس طاعة الإنس لهم فيها يزيّنون لهم من الضلالة والمعاصي . قال محمد بن كعب : هو طاعة بعضهم بعضاً وموافقة بعضهم [ لبعض ] . { وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِىۤ أَجَّلْتَ لَنَا } ، يعني : القيامة والبعث ، { قَالَ } الله تعالى : { ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ } ، مقامكم ، { خَـٰلِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } . اختلفوا في هذا الاستثناء كما اختلفوا في قوله : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ } [ هود : 107 ] . قيل : أراد إلاّ قدر مدة ما بين بعثهم إلى دخولهم جهنم ، يعني : هم خالدون في النار إلاّ هذا المقدار . وقيل : الاستثناء يرجع إلى العذاب . وهو قوله : { ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ } ، أي : خالدين في النار سوى ما شاء الله من أنواع العذاب . وقال ابن عباس : الاستثناء يرجع إلى قوم سبق فيهم علم الله أنهم يسلمون فيخرجون من النار ، و " ما " بمعنى " من " على هذا التأويل ، { إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } ، قيل : عليم بالذي استثناه وبما في قلوبهم من البِرِّ والتقوى .