Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 135-137)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ } يا محمد { يَـٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } ، قرأ أبو بكر عن عاصم ، { مكاناتكم } بالجمع حيث كان أي : على تمكنكم ، قال عطاء : على حالاتكم التي أنتم عليها . قال الزجَّاج : اعملوا على ما أنتم عليه . يقال للرجل إذا أمر أن يثبت على حالة : على مكانتك يا فلان ، أي : اثبت على ما أنت عليه ، وهذا أمر وعيد عن المبالغة يقول : قل لهم اعملوا ما أنتم عاملون ، { إِنِّى عَامِلٌ } ، ما أمرني به ربي عزّ وجلّ ، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } ، أي : الجنّة ، قرأ حمزة والكسائي : يكون بالياء هنا وفي القصص ، وقرأ الآخرون بالتاء لتأنيث العاقبة ، { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } ، قال ابن عباس : معناه لا يسعد من كفر بي وأشرك . قال الضحاك : لا يفوز . قوله عزّ وجلّ : { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } الآية ، كان المشركون يجعلون لله من حروثهم وأنعامهم وثمارهم وسائر أموالهم نصيباً ، وللأوثان نصيباً فما جعلوه لله صرفوه إلى الضيفان والمساكين ، وما جعلوه للأصنام أنفقوه على الأصنام وخدمها ، فإن سقط شيء مما جعلوه لله تعالى في نصيب الأوثان تركوه وقالوا : إنّ الله غني عن هذا ، وإن سقط شيء من [ نصيب ] الأصنام فيما جعلوه لله ردّوه إلى الأوثان ، وقالوا : إنها محتاجة ، وكان إذا هلك أو انتقص شيء مما جعلوه لله لم يبالوا به ، وإذا هلك أو انتقص شيء مما جعلوا للأصنام جبروه بما جعلوه لله ، فذلك قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ } خلق { مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } ، وفيه اختصار مجازه : وجعلوا لله نصيباً ولشركائهم نصيباً . { فَقَالُواْ هَـٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ } ، قرأ الكسائي ( بِزُعْمهم ) بضم الزاي ، والباقون بفتحها ، وهما لغتان ، وهو القول من غير حقيقة ، { وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا } ، يعني : الأوثان ، { فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ } ، ومعناه : ما قلنا أنهم [ كانوا يتمون ما جعلوه للأوثان ممّا جعلوه لله ، ولا ] يتمون ما جعلوه لله مما جعلوه للأوثان . وقال قتادة : كانوا إذا أصابتهم سنة استعانوا بما جزَّؤوا لله وأكلوا منه فوفّرُوا ما جزّؤوا لشركائهم ولم يأكلوا منه [ شيئاً ] ، { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } ، أي : بئس ما [ يصنعون ] . { وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } ، أي : وكما زيّن لهم تحريم الحرث والأنعام كذلك زيّن لكثير من المشركين ، { قَتْلَ أَوْلَـٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ } ، قال مجاهد : شركاؤهم ، أي : شياطينهم زيّنوا وحُسّنوا لهمَ وأدَ البنات خيفة العيلة ، سمّيت الشياطين شركاء لأنهم أطاعوهم في معصية الله وأضيف الشركاء إليهم لأنهم اتخذوها . وقال الكلبي : شركاؤهم سدنة آلهتهم الذين كانوا يزينون للكفار قتل الأولاد ، فكان الرجل منهم يحلف لئن ولد له كذا غلاماً لينحرنّ أحدَهم كما حلف عبدالمطلب على ابنه عبدالله . وقرأ ابن عامر : " زيّن " بضم الزاي وكسر الياء ، " قتل " رفع " أولادهم " نصب ، " شركائهم " بالخفض على التقديم ، كأنه قال : زيّن لكثير من المشركين قتل شركائهم أولادهم ، فصل بين الفعل وفاعله بالمفعول به وهو الأولاد ، كما قال الشاعر : @ فَزَجَّجْـتُـه مُتَمَـكّنـاً زَجَّ القَلُوصِ أبي مَزَادَهْ @@ أي : زجّ أبي مزادة القلوص ، فأضيف الفعل وهو القتل إلى الشركاء ، وإن لم يتولوا ذلك لأنهم هم الذين زيّنوا ذلك ودعوا إليه ، فكأنّهم فعلوه . قوله عزّ وجلّ : { ليردوهم } ، ليُهلكوهم ، { وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ } ، ليخلطوا عليهم ، { دينهم } ، قال ابن عباس : ليُدخلوا عليهم الشكَّ في دينهم ، وكانوا على دين إسماعيل فرجعوا عنه بلَبْسِ الشياطين . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ } ، أي : لو شاء الله لعصمهم حتى ما فعلوا ذلك من تحريم الحرث والأنعام وقتل الأولاد ، { فَذَرْهُمْ } ، يا محمد ، { وَمَا يَفْتَرُونَ } ، يختلقون من الكذب ، فإن الله تعالى لهم بالمرصاد .