Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 9-15)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ } ، يعني يوم القيامة يجمع فيه أهل السموات والأرض ، { ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُن } ، وهو تفاعل من الغبن ، وهو فوت الحظ ، والمراد بالمغبون من غُبِن في أهله ومنازله في الجنة , فيظهر يومئذ غبن كل كافر بتركه الإيمان ، وغبن كل مؤمن بتقصيره في الإحسان ، { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَـٰلِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَـٰتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَٰرُ } ، قرأ أهل المدينة والشام : " نكفر " " وندخله " ، وفي سورة الطلاق " ندخله " بالنون فيهن , وقرأ الآخرون بالياء ، { خَـٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلعَظِيمُ } . { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } . { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } , بإرادته وقضائه { وَمَن يُؤْمِن بِٱللَّهِ } ، فيصدِّق أنه لا يصيبه مصيبة إلا بإذن الله ، { يَهْدِ قَلْبَهُ } ، يوفقه لليقين حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه فيسلّم لقضائه { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } . { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَولَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ } . { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } . قوله عزّ وجلّ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَٰجِكُمْ وَأَوْلـٰدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فاحذَرُوهُمْ } . قال ابن عباس : هؤلاء رجال من أهل مكة أسلموا ، وأرادوا أن يهاجروا إلى المدينة ، فمنعهم أزواجهم وأولادهم ، وقالوا صبرنا على إسلامكم فلا نصبر على فراقكم , فأطاعوهم ، وتركوا الهجرة [ فقال تعالى { فاحْذَرُوهُمْ } أن تطيعوهم وتدعوا الهجرة ] . { وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ، هذا فيمن أقام على الأهل والولد ولم يهاجر ، فإذا هاجر رأى الذين سبقوه بالهجرة قد فقهوا في الدين همَّ أن يعاقب زوجته وولده الذين ثبطوه عن الهجرة ، وإن لحقوا في دار الهجرة لم ينفق عليهم ولم يصبهم بخير ، فأمرهم الله عزّ وجلّ بالعفو عنهم والصفح . وقال عطاء بن يسار : نزلت في عوف بن مالك الأشجعي : كان ذا أهل وولد , وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه ، وقالوا : إلى مَنْ تَدَعُنا ؟ فيرقّ لهم ويقيم ، فأنزل الله { إِنَّ مِنْ أَزْوَٰجِكُمْ وَأَوْلـٰدِكُمْ عَدُوّاً لكُم } بحملهم إياكم على ترك الطاعة ، فاحذروهم أن تقبلوا منهم . { وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وتَغْفِرُوا } فلا تعاقبوهم على خلافهم إياكم فإن الله غفور رحيم . { إِنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ } ، بلاء واختبار وشغل عن الآخرة ، يقع بسببها الإنسان في العظائم ومنع الحق وتناول الحرام ، { وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } ، قال بعضهم : لما ذكر الله العداوة أدخل فيه " من " للتبعيض ، فقال : " إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم " لأن كلهم ليسوا بأعداء ، ولم يذكر " مِنْ " في قوله : { إِنَّمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَأَوْلَـٰدُكُمْ فِتْنَةٌ } لأنها لا تخلو عن الفتنة واشتغال القلب . وكان عبد الله بن مسعود يقول : لا يقولنَّ أحدكم : اللهم إني أعوذ بك من الفتنة , فإنه ليس منكم أحد يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن ليقل : اللهم إني أعوذ بك من مضلاَّت الفتن . أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك المظفري , أخيرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الفضل الفقيه , أخيرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق الفقيه , حدثنا أحمد بن بكر بن سيف حدثنا علي بن الحسين , أخبرنا الحسين بن واقد , عن عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا , فجاء الحسن والحسين , وعليهما قميصان أحمران , يمشيان ويعثران , فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال : " صدق الله : إنما أموالكم وأولادكم فتنة , نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران , فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما " .