Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 71, Ayat: 20-23)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً } ، طرقاً واسعة . { قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى } ، لم يجيبوا دعوتي ، { وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً } ، يعني : اتبع السفلةُ والفقراءُ القادةَ والرؤساءَ الذين لم يزدهم كثرة المال والولد إلا ضلالاً في الدنيا وعقوبة في الآخرة . { وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً } ، أي كبيراً عظيماً ، يقال : كبير وكُبَار ، بالتخفيف ، كُبَّار بالتشديد ، كلها بمعنى واحد , كما يقال : أمر عجيب وعجَاب وعجَّاب بالتشديد أشد في المبالغة . واختلفوا في مكرهم . قال ابن عباس : قالوا قولاً عظيماً . وقال الضحاك : افتروا على الله وكذبوا رسله وقيل : منع الرؤساءُ أتباعَهم عن الإيمان بنوح وحرضوهم على قتله . { وقالوا } ، لهم : { لاَ تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُم } ، أي لا تتركوا عبادتها ، { وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً } ، قرأ أهل المدينة بضم الواو والباقون بفتحها ، { وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ ونَسْراً } ، هذه أسماء آلهتهم . قال محمد بن كعب : هذه أسماء قوم صالحين كانوا بين آدم ونوح ، فلما ماتوا كان لهم أتباع يقتدون بهم ويأخذون بعدهم بأخذهم في العبادة فجاءهم إبليس وقال لهم : لو صورتم صورهم كان أنشط لكم وأشوق إلى العبادة ، ففعلوا ثم نشأ قوم بعدهم فقال لهم إبليس : إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم فعبدوهم ، فابتداء عبادة الأوثان كان من ذلك . وسميت تلك الصور بهذه الأسماء لأنهم صوروها على صور أولئك القوم من المسلمين . أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي , أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي , أخبرنا محمد بن يوسف , حدثنا محمد بن إسماعيل , حدثنا إبراهيم بن موسى , حدثنا هشام عن ابن جريج وقال عطاء عن ابن عباس : صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح تعبد في العرب بعده ، أمّا وَدّ فكانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سُواع فكانت لهذيل ، وأما يَغُوث فكانت لمراد ثم لبني غُطيف بالجرف عند سبأ ، وأما يَعُوق فكانت لهمدان ، وأمّا نَسْر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع ذكره في تفسيره . وروى سفيان عن موسى عن محمد بن قيس قوله تعالى : { وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ ونَسْراً } قال : كانت أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تُعبد ، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عُبِدَتْ . وروي عن ابن عباس : أن تلك الأوثان دفنها الطوفان وطمها التراب ، فلم تزل مدفونة حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب ، وكانت للعرب أصنام أخر ، فاللات كانت لثقيف ، والعُزى لسليم وغطفان وجشم ، ومَنَاة لقُديد ، وإساف ونائلة وهُبل لأهل مكة .