Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 74, Ayat: 27-34)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومَا أدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبْقِى ولاَ تَذَر } ، أي لا تبقي ولا تذر فيها شيئاً إلا أكلته وأهلكته . وقال مجاهد : لا تميت ولا تحيي يعني لا تبقي من فيها حيّاً ولا تذر من فيها ميتاً كلما احترقوا جُدّدوا . وقال السدي : لا تبقي لهم لحماً ولا تذر لهم عظماً . وقال الضحاك : إذا أخذت فيهم لم تبق منهم شيئاً وإذا أعيدوا لم تذرهم حتى تفنيهم ، ولكل شيء ملالة وفترة إلا لجهنم . { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } ، مغيرة للجلد حتى تجعله أسود ، يقال : لاحة السقم والحزن إذ غيّره ، وقال مجاهد : تلفح الجلد حتى تدعه أشد سواداً من الليل . وقال ابن عباس : وزيد بن أسلم : محرقة للجلد . وقال الحسن وابن كيسان : تلوح لهم جهنم حتى يروها عياناً نظيره قوله : { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } [ الشعراء : 91 ] ، و { لَوَّاحةٌ } رفع على نعت ، " سقر " في قوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } ، و { البَشَر } جمع بشرة وجمع البشر أبشار . { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } ، أي : على النار تسعة عشر من الملائكة ، وهم خزنتها : مالك ومعه ثمانية عشر . وجاء في الأثر : أعينهم كالبرق الخاطف , وأنيابهم كالصياصي , يخرج لهب النار من أفواههم , ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة ، نُزعت منهم الرحمة , يرفع أحدهم سبعين ألف فيرميهم حيث أراد من جهنم . قال عَمرو بن دينار : إن واحداً منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومضر . قال ابن عباس , وقتادة , والضحاك : لما نزلت هذه الآية قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم , أسمع ابن أبي كبشة يخبر أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدَّهم أي : الشجعان , أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد من خزنة جهنم ؟ قال أبو الأشد أسيد بن كلدة بن خلف الجمحي : أنا أكفيكم منهم سبعة عشر ، عشرة على ظهري وسبعة على بطني ، فاكفوني أنتم اثنين . وروي أنه قال : أنا أمشي بين أيديكم على الصراط فأدفع عشرة بمنكبي الأيمن وتسعة بمنكبي الأيسر في النار ونمضي فندخل الجنة . فأنزل الله عزّ وجلّ : { وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَـٰبَ النَّارِ إلاَّ مَلَـٰئِكَة } ، لا رجالاً آدميين , فمن ذا يغلب الملائكة ؟ { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُم } ، أي عددهم في القلة ، { إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا } ، أي ضلالة لهم حتى قالوا ما قالوا ، { لِيَسْتَيْقِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلكِتَٰبَ } ، لأنه مكتوب في التوراة والإنجيل إنهم تسعة عشر ، { وَيَزْدَادَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِيمَـٰنا } ، يعني من آمن من أهل الكتاب يزدادون تصديقاً بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا وجدوا ما قاله موافقاً لما في كتبهم ، { وَلاَ يَرْتَابَ } ، ولا يشك ، { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ وٱلمُؤمِنُونَ } ، في عددهم ، { وَلِيَقُولَ ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَرَضٌ } ، شك ونفاق ، { وٱلكَٰفِرُونَ } ، مشركو مكة , { مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلا } ، أي شيء أراد بهذا الحديث ؟ وأراد بالمثل الحديث نفسه . { كذلكَ } ، أي كما أضل الله من أنكر عدد الخزنة وهدى من صدق كذلك ، { يُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ } ، قال مقاتل : هذا جواب أبي جهل حين قال : أما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر ؟ قال عطاء : وما يعلم جنود ربك إلا هو يعني من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار ، لا يعلم عدتهم إلا الله ، والمعنى إن تسعة عشرهم خزنة النار ، ولهم من الأعوان والجنود من الملائكة ما لا يعلمهم إلا الله عزّ وجلّ ، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال : { وَمَا هِيَ } ، يعني سقر ، { إِلاَّ ذِكْرَىٰ للبَشَرِ } ، إلا تذكرة وموعظة للناس . { كَلاَّ وٱلقَمَرِ } ، هذا قسم , يقول : حقاً . { وَٱلْقَمَرِ * وَٱلَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } ، قرأ نافع وحمزة وحفص ويعقوب " إذ " بغير ألف ، " أدْبَرَ " ، بالألف ، وقرأ الآخرون " إذا " بالألف ، " دبر " بلا ألف ، لأنه أشد موافقة لما يليه ، وهو قوله : { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } ، ولأنه ليس في القرآن قسم بجانبه إذ وإنما بجانب الأقسام إذا , ودبر وأدبر وكلاهما لغة ، يقال : دبر الليل وأدبر إذا ولى ذاهباً . قال أبو عمرو : دبر لغة قريش ، وقال قطرب : دبر أي أقبل ، تقول العرب : دبرني فلان أي جاء خلفي ، فالليل يأتي خلف النهار . { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } ، أضاء وتبين .