Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 5-8)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ } ، يعني المؤمنين الصادقين في إيمانهم المطيعين لربهم , واحدهم بار ، مثل شاهد وأشهاد , وناصر وأنصار ، و " برّ " أيضاً مثل : نهر وأنهار ، { يَشْرَبُونَ } ، في الآخرة ، { مِن كَأْسٍ } ، فيها شراب { كَانَ مِزَاجُهَا كَـٰفُوراً } ، قال قتادة : يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك ، قال عكرمة " مزاجها " : طعمها ، وقال أهل المعاني : أراد كالكافور في بياضه وطيب ريحه وبرده , لأن الكافور لا يشرب ، وهو كقوله : { حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً } [ الكهف : 96 ] أي كنارٍ . وهذا معنى قول قتادة ومجاهد : يمازجه ريح الكافور . وقال ابن كيسان : طيبت بالكافور والمسك والزنجبيل . وقال عطاء والكلبي : الكافور اسم لعين ماء في الجنة . { عَيْناً } ، نصب تبعاً للكافور . وقيل : هو نصب على المدح . وقيل : أعني عيناً . وقال الزجاج : الأجود أن يكون المعنى من عين ، { يَشْرَبُ بها } ، قيل : يشربها والباء صلة وقيل بها أي منها ، { عِبَادُ ٱللَّهِ } ، قال ابن عباس أولياء الله ، { يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } ، أي يقودونها حيث شاؤوا من منازلهم وقصورهم ، كمن يكون له نهر يفجره ها هنا وها هنا إلى حيث يريد . { يُوفُونَ بِٱلنَّذْرِ } ، هذا من صفاتهم في الدنيا أي كانوا في الدنيا كذلك . قال قتادة : أراد يوفون بما فرض الله عليهم من الصلاة ووالزكاة والصوم والحج والعمرة ، وغيرها من الواجبات ، ومعنى النذر : الإيجاب . وقال مجاهد وعكرمة : إذا نذروا في طاعة الله وفوا به . أخبرنا أبو الحسن السرخسي , أخبرنا زاهر بن أحمد , أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي , أخبرنا أبو مصعب , عن مالك , عن طلحة بن عبد الملك الأيلي , عن القاسم بن محمد , عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " . { وَيَخَـٰفُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } ، فاشياً ممتداً ، يقال : استطار الصبح , إذا امتد وانتشر . قال مقاتل : كان شره فاشياً في السموات فانشقت ، وتناثرت الكواكب , وكورت الشمس والقمر , وفزعت الملائكة ، وفي الأرض : فنسفت الجبال , وغارت المياه , وتكسر كل شيء على الأرض من جبل وبناء . { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } ، أي على حب الطعام وقلته وشهوتهم له وحاجتهم إليه . وقيل : على حب الله عز وجل ، { مِسْكِيناً } ، فقيراً لا مال له ، { وَيَتِيماً } ، صغيراً لا أب له { وَأَسِيراً } ، قال مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء : هو المسجون من أهل القبلة . وقال قتادة : أمر الله بالأسراء أن يحسن إليهم , وإن أسراهم يومئذ لأَهل الشرك . وقيل : الأسير المملوك . وقيل : المرأة , يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان " أي أسراء . واختلفوا في سبب نزول هذه الآية ، قال مقاتل : نزلت في رجل من الأنصار أطعم في يوم واحد مسكيناً ويتيماً وأسيراً . وروى مجاهد وعطاء عن ابن عباس : أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير ، فقبض الشعير فطحن ثلثه فجعلوه منه شيئاً ليأكلوه ، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام ، ثم عمل الثلث الثاني فلما تمّ إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين ، فسأل فأطعموه ، وطووا يومهم ذلك : وهذا قول الحسن وقتادة ، أن الأسير كان من أهل الشرك ، وفيه دليل على أن إطعام الأسارى , وإن كانوا من أهل الشرك , حَسَنٌ يُرْجَى ثوابه .