Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 9-18)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جزآءً ولا شُكُوراً } ، والشُّكور مصدر كالعُقود والدُّخول والخروج . قال مجاهد وسعيد بن جبير : إنهم لم يتكلموا به ولكن علم الله ذلك من قلوبهم ، فأثنى عليهم . { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً } ، تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته ، ونسب العبوس إلى اليوم ، كما يقال : يوم صائم وليل قائم . وقيل : وصف اليوم بالعبوس لما فيه من الشدة ، { قَمْطَرِيراً } ، قال قتادة , ومجاهد , ومقاتل : " القمطرير " : الذي يقبض الوجوه والجباه بالتعبيس . قال الكلبي : العبوس الذي لا انبساط فيه ، و " القمطرير " : الشديد ، قال الأخفش : " القمطرير " : أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء ، يقال : يوم قمطرير وقماطر , إذا كان شديداً كريهاً ، واقْمَطَرَّ اليوم فهو مُقْمَطِر . { فَوَقَـٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ ٱلْيَومِ } , الذي يخافون ، { وَلَقَّـٰهُمْ نَضْرَةً } ، حُسْناً في وجوههم ، { وَسُرُوراً } ، في قلوبهم . { وَجَزَٰهُمْ بِمَا صَبَرُواْ } ، على طاعة الله واجتباب معصيته ، وقال الضحاك : على الفقر . وقال عطاء : على الجوع . { جَنَّةً وَحَرِيراً } ، قال الحسن : أدخلهم الله الجنة وألبسهم الحرير . { مُّتَّكِئِينَ } ، نصب على الحال ، { فِيهَا } في الجنة ، { عَلَىٰ ٱلأَرَآئِكِ } ، السرُر في الحِجال ، ولا تكون أريكة إلا إذا اجتمعا ، { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } ، أي صيفاً ولا شتاءً . قال مقاتل : يعني شمساً يؤذيهم حرها ولا زمهريراً يؤذيهم برده ، لأنهما يؤذيان في الدنيا . والزمهرير : البرد الشديد . { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـٰلُهَا } , أي قريبة منهم ظلال أشجارها ، ونصب " دانيةً " ، بالعطف على قوله : " متكئين " ، وقيل : على موضع قوله : { لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً } ، ويرون { دانيةً } ، وقيل : على المدح ، { وَذُلِّلَتْ } ، سُخّرت وقُربت ، { قُطُوفُهَا } ، ثمارها ، { تَذْلِيلاً } ، يأكلون من ثمارها قياماً وقعوداً ومضطجعين ويتناولونها كيف شاؤوا على أي حال كانوا . { وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ } , قال المفسرون : أراد بياض الفضة في صفاء القوارير ، فهي من فضة في صفاء الزجاج ، يرى ما في داخلها من خارجها . قال الكلبي : إن الله جعل قوارير كل قوم من تراب أرضهم ، وإن أرض الجنة من فضة ، فجعل منها قوارير يشربون فيها ، { قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً } ، قدروا الكأس على قدر ريِّهم لا يزيد ولا ينقص ، أي قدرها لهم السقاة والخدم الذين يطوفون عليهم يقدرونها ثم يسقون . { وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً } ، يشوّق ويطرب ، والزنجبيل : مما كانت العرب تستطيبه جداً ، فوعدهم الله تعالى أنهم يسقون في الجنة الكأس الممزوجة بزنجبيل الجنة . قال مقاتل : لا يشبه زنجبيل الدنيا . قال ابن عباس : كل ما ذكر الله في القرآن مما في الجنة وسماهُ ليس له في الدنيا مثل . وقيل : هو عين في الجنة يوجد منها طعم الزنجبيل . قال قتادة : يشربها المقربون صرفاً ، ويمزج لسائر أهل الجنة . { عَيْناً فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلْسَبِيلاً } ، قال قتادة : سلسة منقادة لهم يصرفونها حيث شاؤوا ، وقال مجاهد : حديدةٌ شديدةُ الجرْيَة . وقال أبو العالية ومقاتل بن حيان : سميت سلسبيلاً لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنان وشراب الجنة على برد الكافور وطعم الزنجبيل وريح المسك . قال الزجَّاج : سميت سلسبيلاً لأنها في غاية السلاسة تتسلسل في الحلق ، ومعنى قوله : " تسمى " أي توصف لأن أكثر العلماء على أن سلسبيلاً صفة لا اسم .