Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 1-19)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ عَمَّ } ، أصلُه : " عن ما " فأدغمت النون في الميم وحذفت ألف " ما " كقوله : " فيم " ، و " بِمَ " ؟ { يَتَسَآءَلُونَ } ، أي : عن أي شيء يتساءلون , هؤلاء المشركون ؟ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعاهم إلى التوحيد وأخبرهم بالبعث بعد الموت ، وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون بينهم فيقولون : ماذا جاء به محمد ؟ قال الزَّجاج : اللفظ لفظ استفهام ومعناه التفخيم ، كما تقول : أي شيء زيد ؟ إذا عظمت أمره وشأنه . ثم ذكر أن تساؤلهم عماذا فقال : { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } ، قال مجاهد والأكثرون : هو القرآن ، دليله قوله : { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } [ ص : 67 ] ، وقال قتادة : هو البعث . { ٱلَّذِى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } ، فمصدّق ومكذّب ، { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } ، " كلا " نفيٌ لقولهم , " سيعلمون " عاقبة تكذيبهم حتى تنكشف الأمور . { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } ، وعيد لهم على أثر وعيد . وقال الضحاك : " كلا سيعلمون " يعني : الكافرين , " ثم كلا سيعلمون " يعني : المؤمنين , ثم ذكر صنائعه ليعلموا توحيده فقال : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَـٰداً } ، فراشاً . { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } ، للأرض حتى لا تميد . { وخلقنـٰكم أَزْوَٰجاً } , أصنافاً ذكوراً وإناثاً . { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } ، أي راحة لأبدانكم . قال الزجاج : " السبات " : أن ينقطع عن الحركة والروحُ فيه . وقيل : معناه جعلنا نومكم قطعاً لأعمالكم , لأن أصل السبت : القطع . { وَجَعَلْنَا ٱلَّيْلَ لِبَاساً } ، غطاء وغشاء يستر كل شيء بظلمته . { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } ، المعاش : العيش , وكل ما يعاش فيه فهو معاش ، أي جعلنا النهار سبباً للمعاش والتصرف في المصالح . قال ابن عباس : يريد : تبتغون من فضل الله ، وما قسم لكم من رزقه . { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } ، يريد سبع سموات . { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً } ، يعني الشمس ، { وَهَّاجاً } ، مضيئاً منيراً . قال الزجاج : الوهاج : الوقاد . قال مقاتل : جعل فيه نوراً وحرارة ، والوهج يجمع النور والحرارة . { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ } ، قال مجاهد , وقتادة , ومقاتل , والكلبي : يعني الرياح التي تعصر السحاب ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس . قال الأزهري : هي الرياح ذوات الأعاصير ، فعلى هذا التأويل تكون " مِن " بمعنى الباء أي بالمعصرات ، وذلك أن الريح تستدر المطر . وقال أبو العالية , والربيع , والضحاك : المعصرات هي السحاب وهي رواية الوالبي عن ابن عباس . قال الفرّاء : المعصرات السحائب التي تتحلب بالمطر ولا تمطر ، كالمرأة المعصر هي التي دنا حيضها ولم تحض . وقال ابن كيسان : هي المغيثات من قوله : { فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [ يوسف : 49 ] . وقال الحسن , وسعيد بن جبير , وزيد بن أسلم , ومقاتل بن حيان : " من المعصرات " أي من السموات . { مَآءً ثَجَّاجاً } ، أي صبّاباً ، وقال مجاهد : مدراراً . وقال قتادة : متتابعاً يتلو بعضه بعضاً . وقال ابن زيد : كثيراً . { لِّنُخْرِجَ بِهِ } ، أي بذلك الماء ، { حباً } ، وهو ما يأكله الناس ، { ونباتاً } ، ما تنبته الأرض مما تأكله الأنعام . { وَجَنَّـٰتٍ أَلْفَافاً } ، ملتفة بالشجر , واحدها لَفٌ ولفيف ، وقيل : هو جمع الجمع ، يقال : جنة لفًّا , وجمعها لُفٌ ، بضم اللام , وجمع الجمع ألفاف . { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ } ، يوم القضاء بين الخلق ، { كَانَ مِيقَـٰتاً } ، لما وعد الله تعالى من الثواب والعقاب . { يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } ، زمراً زمراً من كل مكان للحساب . { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ } ، قرأ أهل الكوفة : " فُتِحَتِ " بالتخفيف ، وقرأ الآخرون بالتشديد ، أي شُقَّت لنزول الملائكة ، { فَكَانَتْ أَبْوَٰباً } ، أي ذات أبواب . وقيل : تنحلُّ وتتناثر حتى تصير فيها أبواب وطرق .