Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 8-20)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم وصف أهل الجنة فقال : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } ، قال مقاتل : في نعمة وكرامة . { لِّسَعْيِهَا } ، في الدنيا ، { رَاضِيَةٌ } ، في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها . { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } , لغو وباطل , قرأ أهل مكة والبصرة : " لا يُسْمَعُ " بالياء وضمها ، " لاغيةٌ " رفع ، وقرأ نافع " لا تُسمع " بالتاء وضمها , " لاغيةٌ " رفع ، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها " لاغيةً " بالنصب , على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } ، قال ابن عباس : ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت , مرتفعة ما لم يجيء أهلها ، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها , ثم ترتفع إلى مواضعها . { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } ، عندهم ، جمع كوب , وهو الإبريق الذي لا عروة له . { وَنَمَارِقُ } ، وسائد ومرافق ، { مَصْفُوفَةٌ } ، بعضها بجنب بعض , واحدتها " نُمْرُقَة " بضم النون . { وَزَرَابِيُّ } ، يعني البسط العريضة . قال ابن عباس : هي الطنافس التي لها خمل واحدتها زَرْبِيَّة , { مَبْثُوثَةٌ } ، مبسوطة ، وقيل : متفرقة في المجالس . { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } , قال أهل التفسير : لما نعت الله تعالى في هذه السورة ما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه ، فذكَّرهم الله تعالى صنعه فقال : { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ } ، من بين سائر الحيوانات { كَيْفَ خُلِقَتْ } , وكانت الإبل من عيش العرب ، لهم فيها منافع كثيرة , فلما صنع لهم ذلك في الدنيا صنع لأهل الجنة فيها ما صنع . وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات ؛ فقال مقاتل : لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها ، ولم يشاهد الفيل إلا الشاذ منهم . وقال الكلبي : لأنها تنهض بحملها وهي باركة . وقال قتادة : ذكر الله تعالى ارتفاع سُرُرِ الجنة وفُرُشِها ، فقالوا : كيف نصعدها فأنزل الله تعالى هذه الآية . وسئل الحسن عن هذه الآية وقيل له : الفيل أعظم في الأعجوبة ؟ فقال : أما الفيل فالعرب بعيدة العهد بها ، ثم هو لا خير فيه لا يُركب ظهرها ولا يُؤكل لحمها ولا يُحلب درها ، والإبل أعز مال للعرب وأنفسه تأكل النوى والقت وتخرج اللبن . وقيل : إنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الضعيف . حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء ، وكان شريح القاضي يقول : اخرجوا بنا إلى كناسة اسطبل حتى ننظر إلى الإبل كيف خُلقت . { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } ، عن الأرض حتى لا ينالها شيء بغير عمد . { وَإِلَى ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } ، على وجه الأرض مرساة لا تزول . { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } ، بسطت ، قال عطاء عن ابن عباس : هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل , أو يرفع مثل السماء , أو ينصب مثل الجبال , أو يسطح مثل الأرض غيري ؟ .