Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 100-100)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنْصَـٰرِ } الآية . قرأ يعقوب بالرفع عطفاً على قوله : « والسابقون » . واختلفوا في السابقين الأولين ، قال سعيد بن المسيب ، وقتادة ، وابن سيرين وجماعة : هم الذين صلّوا إلى القبلتين . وقال عطاء بن أبي رباح : هم أهل بدر . وقال الشعبي : هم الذين شهدوا بيعة الرضوان ، وكانت بيعة الرضوان بالحديبية . واختلفوا في أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد امرأته خديجة ، مع اتفاقهم على أنّها أولُ من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال بعضهم : أول من آمن وصلّى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو قول جابر ، وبه قال مجاهد وابن إسحاق ، أسلم وهو ابن عشر سنين . وقال بعضهم : أول من آمن بعد خديجة أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وهو قول ابن عباس وإبراهيم النخعي والشعبي . وقال بعضهم : أول من أسلم زيد بن حارثة ، وهو قول الزهري وعروة بن الزبير . وكان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يجمع بين هذه الأقوال فيقول : أول من أسلم من الرجال أبو بكر رضي الله عنه ، ومن النساء خديجة ، ومن الصبيان علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ومن العبيد زيد بن حارثة . قال ابن إسحاق : فلما أسلم أبو بكر رضي الله عنه أظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله ، وكان رجلاً محبباً سهلاً وكان أنسب قريش وأعلمها بما كان فيها ، وكان تاجراً ذَا خُلقٍ ومعروف ، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر ؛ لعلمه وحُسن مجالسته ، فجعل يدعو إلى الإِسلام من وثق به من قومه ، فأسلم على يديه - فيما بلغني - : عثمان بن عفان ، والزبير بن العوَّام ، وعبدالرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة بن عبيدالله ، فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلّوا ، فكان هؤلاء الثمانية النفر الذين سبقوا إلى الإِسلام . ثم تتابع الناس في الدخول إلى الإِسلام ، أما السّابقون من الأنصار : فهم الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة ، وكانوا ستة في العقبة الأولى ، وسبعين في الثانية ، والذين آمنوا حين قدم عليهم أبو زُرارة مُصعب بن عُمير يعلمهم القرآن ، فأسلم معهم خلق كثير وجماعة من النساء والصبيان . قوله عزّ وجلّ : { وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ } الذينَ هاجروا قومَهم وعشيرتَهم وفارقوا أوطانهم . { وَٱلأَنْصَـٰرِ } أي : ومن الأنصار ، وهم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعدائه من أهل المدينة وآووا أصحابه ، { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ } . قيل : بقية المهاجرين والأنصار سوى السابقين الأوّلين . وقيل : هم الذين سلكوا سبيلهم في الإِيمان والهجرة أو النصرة إلى يوم القيامة . وقال عطاء : هم الذين يذكرون المهاجرين والأنصار بالترحم والدعاء . وقال أبو صخر حميد بن زياد : أتيتُ محمد بن كعب القرظي فقلت له : ما قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة محسنهم ومسيئهم ، فقلت : من أين تقول هذا ؟ فقال : ياهذا اقْرَأْ قولَ اللَّهِ تعالى : { وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنْصَـٰرِ } إلى أن قال : { رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } ، وقال : { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ } ، شرط في التابعين شريطة وهي أن يتبعوهم في أفعالهم الحسنة دون السيّئة . قال أبو صخر : فكأني لم أقرأْ هذه الآية قط . روِّينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تَسُبُّوا أصحابي فوالذي نفسي بيدِهِ لو أنّ أحدكم أنفقَ مثلَ أُحدٍ ذهباً ما أدْركَ مُدَّ أحَدِهم ولا نَصِيفه " . ثم جمعهم الله عزّ وجلّ في الثواب فقال : { رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَـٰرُ } ، قرأ ابن كثير : ( من تحتها الأنهار ) ، وكذلك هو في مصاحف أهل مكة ، { خَـٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } .