Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 102-102)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَآخَرُونَ } ، أي : ومن أهل المدينة ، أو : من الأعراب آخرون ، ولا يرجع هذا إلى المنافقين ، { ٱعْتَرَفُواْ } ، أقرَّوا ، { بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَـٰلِحاً } ، وهو إقرارُهم بذنوبهم وتوبتُهم ، { وَآخَرَ سَيِّئاً } ، أي : بعمل آخر سيء ، وضع الواو موضع الباء ، كما يُقال : خلطتُ الماءَ واللبن ، أي : باللبن . والعمل السيء هو تخلّفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والعمل الصالح : هو ندامتهم وربطهم أنفسهم بالسواري وقيل : غزواتُهم مع النبي صلى الله عليه وسلم . { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، " نزلت هذه الآية في قوم تخلّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، ثم ندِمُوا على ذلك ، وقالوا : نكون في الظِّلال مع النساء ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الجهاد والَّلأواء ! فلما قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة قالوا والله لَنُوثِقَنّ أنفسَنَا بالسواري فلا نُطلقها حتى يكونَ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقنا ، بعذْرُنا ، فأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بهم فرآهم ، فقال : مَنْ هؤلاء ؟ فقالوا هؤلاء الذين تخلفوا عنك فعاهدُوا اللَّهَ عزّ وجلّ أن لا يُطلقوا أنفسَهم حتى تكون أنت تطلقهم وترضى عنهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أقسم بالله لا أُطْلِقهم ولا أَعذرهم حتى أومر بإطلاقهم ، رغبوا عني وتخلّفوا عن الغزو مع المسلمين ! فأنزل الله هذه الآية فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم ، فلما أطلقوا قالوا : يا رسول الله هذه أموالنا التي خلّفتْنَا عنك فتصدقْ بها وطهرْنَا واستغفرْ لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أُمرتُ من آخذ من أموالكم شيئاً » " ، فأنزل الله تعالى : { خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً } الآية . واختلفوا في أعداد هؤلاء التائبين ، فرُوي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كانوا عشرة منهم أبو لبابة . ورَوَى عطية عنه : أنهم كانوا خمسة أحدهم أبو لبابة . وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم : كانوا ثمانية . وقال الضحاك وقتادة : كانوا سبعة . وقالوا جميعاً : أحدهم أبو لبابة . وقال قوم : نزلت في أبي لبابة خاصة . واختلفوا في ذنبه ، قال مجاهد : نزلت في أبي لبابة حين قال لقريظة : إن نزلتم على حكمه فهو الذبح وأشار إلى حلقه . وقال الزهري : نزلت في تخلّفه عن غزوة تبوك فربط نفسه بسارية ، وقال والله لا أحلّ نفسي ولا أذوق طعاماً ولا شراباً ، حتى أموتَ أو يتوبَ الله عليَّ ! فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاماً ولا شراباً حتى خرّ مغشَّياً عليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقيل له : قد تِيْبَ عليك ! ، فقال : والله لا أحلّ نفسي حتى يكون رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فحلَّه بيده ، ثم قال أبو لبابة : يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله ، قال : يُجزيك يا أبا لبابة الثلث . قالوا جميعاً : فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث أموالهم ، وترك الثلثين ، لأن الله تعالى قال : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } .