Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 16-17)

Tafsir: Maʿālim at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ } ، أظننتم { أَن تُتْرَكُواْ } ، قيل : هذا خطاب للمنافقين . وقيل : للمؤمنين الذين شقّ عليهم القتال ، فقال : أم حسبتم أن تُتركوا فلا تؤمروا بالجهاد ، ولا تُمنحوا ، ليظهر الصادق من الكاذب ، { وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ } ، ولم يرَ اللّهُ { ٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً } ، بطانةً وأولياءً يُوالونَهم ويُفشون إليهم أسرارهم . وقال قتادة : وليجة خيانة . وقال الضحاك : خديعة . وقال عطاء : أولياء . وقال أبو عبيدة : كل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة ، والرجل يكون في القوم وليس منهم وليجة ، فوليجة الرجل : من يختص بدخيلة أمره دون الناس ، يقال : هو وليجتي ، وهم وليجتي ، للواحد والجمع ، { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } . قوله تعالى : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّهِ } الآية . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما أُسر العباسُ يوم بدرٍ عيَّره المسلمون بالكفر وقطيعة الرحم ، وأغلظ علي رضي الله عنه له القولَ . فقال العباس : مالكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون محاسننا ؟ فقال له علي رضي الله عنه : ألكم محاسن ؟ فقال : نعم ، إنّا لَنَعْمرُ المسجدَ الحرام ونحجبُ الكعبةَ ونُسقي الحاج ، فأنزل الله عزّ وجلّ رداً على العباس : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللَّهِ } ، أي : ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله . أوجب على المسلمين منعهم من ذلك ، لأن المساجد إنما تعمر لعبادة الله وحده ، فمن كان كافراً بالله فليس من شأنه أن يعمرها . فذهب جماعة إلى أنّ المراد منه : العمارة المعروفة من بناء المسجد ومرمَّته عند الخراب فيمنع منه الكافر حتى لو أوصى به لا تمتثل . وحمل بعضهم العمارة هاهنا على دخول المسجد والقعود فيه . قال الحسن : ما كان للمشركين أن يتركوا فيكونوا أهل المسجد الحرام . قرأ ابن كثير وأهل البصرة : { مسجد الله } على التوحيد ، وأراد به المسجد الحرام ، لقوله تعالى : { وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } ، ولقوله تعالى : { فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ } ، وقرأ الآخرون : { مَسَاجِدَ اللَّهِ } بالجمع ، والمراد منه أيضاً المسجد الحرام . قال الحسن : إنما قال مساجد لأنه قبلة المساجد كلها . قال الفراء : ربما ذهبت العرب بالواحد إلى الجمع وبالجمع إلى الواحد ، ألا ترى أن الرجل يركب البِرْذَوْنَ فيقول : أخذت في ركوب البراذين ؟ ويقال : فلان كثير الدرهم والدينار ، يريد الدراهم والدنانير . قوله تعالى : { شَـاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ } ، أرادَ وهم شاهدون ، فلما طرحت " وهم " نصبت ، قال الحسن : لم يقولوا نحن كفار ، ولكن كلامهم بالكفر شاهد عليهم بالكفر . وقال الضحاك عن ابن عباس : شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم للأصنام ، وذلك أن كفار قريش كانوا نصبوا أصنامهم خارج البيت الحرام عند القواعد ، وكانوا يطوفون بالبيتِ عراة ، كلما طافوا شوطاً سجدوا لأصنامهم ، ولم يزدادوا بذلك من الله تعالى إلاّ بُعْداً . وقال السدي : شهادتهم على أنفسهم بالكفر هو أن النصراني يُسأل من أنت ؟ فيقول : أنا نصراني ، واليهودي يقول : أنا يهودي ، ويقال للمشرك : ما دينك ؟ يقول : مشرك . قال الله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ } ، لأنها لغير الله عزّ وجلّ ، { وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : معناه شاهدين على رسولهم بالكفر ؛ لأنه ما من بطن وإلا ولدته