Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 19-19)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ } الآية . أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، حدثنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، حدثنا عبد الله بن حامد بن محمد الوزان ، حدثنا أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله المعافري ، حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، حدثنا النعمان بن بشير قال : كنتُ عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل : ما أُبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أَسقي الحاج . وقال آخر : ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أن أعمر المسجد الحرام . وقال الآخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتما ، فزجرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يوم الجمعة ، ولكن إذا صليتُ دخلت فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفتم به ، ففعل فأنزل الله عزّ وجلّ : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَآجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } ، إلى قوله : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : قال العباس حين أُسِر يومَ بدرٍ : لئن كنتم سبقتمونا بالإِسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنّا نعمر المسجد الحرام ، ونُسْقي الحاجّ ، فأنزل الله هذه الآية ، وأخبر أن عمارتهم المسجد الحرام وقيامهم على السقاية لا تنفعهم مع الشرك بالله ، والإِيمان بالله والجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم خيرٌ مما هم عليه . وقال الحسن ، والشعبي ، ومحمد بن كعب القرظي ، نزلت في عليّ بن أبي طالب ، والعباس بن عبد المطلب ، وطلحة بن شيبة ، افتخروا فقال طلحة : أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ، وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، وقال علي : ما أدري ما تقولون لقد صليت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَآجِّ } . والسقاية : مصدر كالرعاية والحماية . قوله : { وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ } ، فيه اختصار تقديره : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كإِيمان من آمن بالله وجهاد من جاهد في سبيل الله ؟ وقيل : السقاية والعمارة بمعنى الساقي والعامر . وتقديره : أجعلتم ساقي الحاج وعامرَ المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله ؟ وهذا كقوله تعالى : { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } [ طه : 132 ] أي : للمتقين ، يدل عليه قراءة عبد الله بن الزبير وأُبيِّ بن كعب " أجعلتم سُقَاةَ الحاجِّ وعَمَرَة المسجدِ الحرامِ " على جمْع الساقي والعامر . { كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلأَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا يحيى بن مهلب ، عن حسين ، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى ، فقال العباس : يافضل اذهب إلى أمك فاتِ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بشرابٍ من عندها ، فقال : اسقني ، فقال : يا رسول الله إنّهم يجعلون أيديهم فيه ، قال : اسقني ، فشرب منه ، ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها ، فقال : " اعملوا فإنكم على عمل صالح " ، ثم قال : " لولا أن تُغْلَبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه " ، وأشار إلى عاتقه . أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد ، حدثنا محمد بن عيسى الجلودي حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، عن مسلم بن الحجاج ، حدثني محمد بن منهال الضرير ، حدثنا يزيد بن زُرَيْع ، حدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المُزَنِيّ قال : كنتُ جالساً مع ابن عباس عند الكعبة فأتاه أعرابي فقال : ما لي أرى بني عمِّكم يسقون العسل واللبن وأنتم تسقون النبيذ ؟ أمِنْ حاجةٍ بكم ؟ أم مِنْ بُخلٍ ؟ فقال ابن عباس : الحمد لله ما بِنا حاجةٌ ولا بُخْلٌ ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وخلفه أسامة بن زيد فاستسقى ، فأتيناه بإناءٍ من نبيذ فشرب وسقى فضلَه أسامةَ ، وقال : " أحسنتم وأَجْمَلْتُم كذا فاصنعوا " ، فلا نريد تغيير ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم .