Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 92, Ayat: 18-21)
Tafsir: Maʿālim at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلَّذِي يُؤْتِي ماله } ، يعطي ماله ، { يتزكى } ، يطلب أن يكون عند الله زاكياً لا رياء ولا سمعة ، يعني أبا بكر الصديق ، في قول الجميع . قال ابن الزبير : كان أبو بكر يبتاع الضعفة فيعتقهم ، فقال أبوه : أيْ بنيَّ لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك ؟ قال : مَنْعَ ظهري أريدُ ، فنزل : { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } إلى آخر السورة . وذكر محمد بن إسحاق قال : كان بلال لبعض بني جمح وهو بلال بن رباح واسم أمه حمامة ، وكان صادق الإسلام طاهر القلب ، وكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول له : لا تزال هكذا حتى تموت ، أو تكفر بمحمد ، فيقول وهو في ذلك البلاء : أحدٌ أحد . قال محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه قال : مرّ به أبو بكر يوماً وهم يصنعون به ذلك ، وكانت دار أبي بكر في بني جمح ، فقال لأمية ألا تتقي الله تعالى في هذا المسكين ؟ قال : أنت أفسدته فأنقذه مما ترى ، قال أبو بكر : أفعل ! عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى ، على دينك ، أعطيك ؟ قال : قد فعلت فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذه فأعتقه ، ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر ستَّ رقاب ، بلال سابعهم ، عامر بن فهيرة شهد بدراً وأحداً ، وقتل يوم بئر معونة شهيداً ، وأم عميس ، وزِنِّيرة فأصيب بصرها حين أعتقها ، فقالت قريش : ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى ، فقالت : كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى ، وما تنفعان فرد الله إليها بصرها ، وأعتق النهدية وابنتها ، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار فمرّ بهما وقد بعثتهما سيدتهما تحطبان لها وهي تقول والله لا أعتقكما أبداً ، فقال أبو بكر : خلا يا أم فلان ، فقالت : خلا , أنت أفسدتهما فأعتقهما ، قال : أبو بكر رضي الله عنه فبكم ؟ قالت : بكذا وكذا ، قال : قد أخذتهما وهما حرتان ، ومر بجارية بني المؤمل وهي تعذب فابتاعها فأعتقها . وقال سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال : أتبيعه ؟ قال : نعم أبيعه بنسطاس ، عبدٍ لأبي بكر , صاحب عشرة آلاف دينار ، وغلمان وجوار ومواش ، وكان مشركاً حمله أبو بكر على الإسلام على أن يكون ماله لَهُ ، فأبى فأبغضه أبو بكر ، فلما قال له أمية : أبيعه بغلامك نسطاس اغتنمه أبو بكر وباعه منه ، فقال المشركون : ما فعل ذلك أبو بكر إلا ليدٍ كانت لبلال عنده . فأنزل الله : { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } ، أي يجازيه ويكافئه عليها . { إلا } ، لكن { ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } ، يعني : لا يفعل ذلك مجازاة لأحد بيدٍ له عنده ، ولكنه يفعله ابتغاء وجه ربه الأعلى وطلب رضاه . { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } ، بما يعطيه الله عزّ وجلّ في الآخرة من الجنة والكرامة جزاء على ما فعل .