Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 93-95)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ على مكانتكم } معناه : على حالاتكم ، وهذا كما تقول : مكانة فلان في العلم فوق مكانة فلان ، يستعار من البقاع إلى المعاني . وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن وعاصم : " مكانتكم " بالجمع ، والجمهور على الإفراد . وقوله : { اعملوا } تهديد ووعيد ، وهو نحو قوله : { اعملوا ما شئتم } [ فصلت : 40 ] وقوله : { من يأتيه } يجوز أن تكون { من } مفعولة بـ { تعلمون } والثانية عطف عليها ، قال الفراء : ويجوز أن تكون استفهاماً في موضع رفع بالابتداء . قال القاضي أبو محمد : الأول أحسن لأنها موصولة ولا توصل في الاستفهام ، ويقضي بصلتها أن المعطوفة عليها موصولة لا محالة ، والصحيح أن الوقف في قوله : { إني عامل } ثم ابتداء الكلام بالوعيد ، و { من } معمولة لـ { تعلمون } وهي موصولة . وقوله : { وارتقبوا } كذلك تهديد أيضاً . وقوله تعالى : { ولما جاء أمرنا } الآية ، " الأمر " ها هنا يصح أن يكون مصدر أمر ويصح أن يكون واحد الأمور . وقوله : { برحمة منا } إما أن يقصد الإخبار عن الرحمة التي لحقت شعيباً لنبوته وحسن عمله وعمل متبعيه ، وإما أن يقصد أن النتيجة لم تكن إلا بمجرد رحمة لا بعمل من أعمالهم ، وأما { الصيحة } فهي صيحة جبريل عليه السلام ، وروي أنه صاح بهم ، صيحة جثم لها كل واحد منهم في مكانه حيث سمعها ميتاً قد تقطعت حجب قلبه ، و " الجثوم " أصله في الطائر إذا ضرب بصدره إلى الأرض ، ثم يستعمل في غيره إذا كان منه بشبه . وقوله تعالى : { كان لم يغنوا فيها } الآية ، الضمير في قوله : { فيها } عائد على " الديار " ، و { يغنوا } معناه : يقيمون بنعمة وخفض عيش ، ومنه المغاني وهي المنازل المعمورة بالأهل ، وقوله : { ألا } تنبيه للسامع ، وقوله : { بعداً } مصدر ، دعا به ، وهذا كما تقول : سقياً لك ورعياً لك وسحقاً للكافر ونحو هذا ، وفارقت هذه قولهم : سلام عليك ، لأن هذا كأنه إخبار عن شيء قد وجب وتحصل ، وتلك إنما هي دعاء مترجى : ومعنى " البعد " - في قراءة من قرأ " بعِدت " بكسر العين - الهلاك - وهي قراءة الجمهور ومنه قول خرنق بنت هفان : [ الكامل ] @ لا يبعدنْ قومي الذين همُ سُمُّ العداةِ وآفة الجزرِ @@ ومنه قول مالك بن الريب : [ الطويل ] @ يقولون لا تبعد وهم يدفنونني وأين مكان البعد إلا مكانيا @@ وأما من قرأ " بعدت " وهو السلمي وأبو حيوة - فهو من البعد الذي ضده القرب ، ولا يدعى به إلا على مبغوض .