Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 89-92)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لا يجرمنكم } معناه : لا يكسبنكم ، يقال : جرمه كذا وكذا وأجرمه إذا أكسبه ، كما يقال : كسب وأكسب بمعنى ، ومن ذلك قول الشاعر : @ ولقد طعنت أبا عيينة طعنة جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا @@ وقرأ الجمهور " يَجرمنكم " بفتح الياء ، وقرأ الأعمش وابن وثاب " يُجرمنكم " بضمها ، و { شقاقي } معناه : مشاقتي وعداوتي ، و { أن } مفعولة بـ { يجرمنكم } . وكانت قصة قوم لوط أقرب القصص عهداً بقصة قوم شعيب ، وقد يحتمل أن يريد وما منازل قوم لوط منكم ببعيد ، فكأنه قال : وما قوم لوط منكم ببعيد بالمسافة ، ويتضمن هذا القول ضرب المثل لهم بقوم لوط . وقرأ الجمهور " مثلُ " بالرفع على أنه فاعل { يصبكم } وقرأ مجاهد والجحدري وابن أبي إسحاق " مثلَ " بالنصب ، وذلك على أحد وجهين : إما أن يكون " مثل " فاعلاً ، وفتحة اللام فتحة بناء لما أضيف لغير متمكن ، فإن " مثل " قد يجري مجرى الظروف في هذا الباب وإن لمن يكن ظرفاً محضاً . وإما أن يقدر الفاعل محذوفاً يقتضيه المعنى ، ويكون " مثلَ " منصوباً على النعت لمصدر محذوف تقديره : إصابة مثل . وقوله { واستغفروا } الآية ، تقدم القول في مثل هذا من ترتيب هذا الاستغفار قبل التوبة . و { ودود } معناه : أن أفعاله ولطفه بعباده لما كانت في غاية الإحسان إليهم كانت كفعل من يتودد ويود المصنوع له . وقوله تعالى : { قالوا : يا شعيب } الآية ، { نفقه } معناه : نفهم وهذا نحو قول قريش { قلوبنا في أكنة } [ فصلت : 5 ] ومعنى : " ما نفقه ما تقول " أي ما نفقه صحة قولك ، وأما فقههم لفظه ومعناه فمتحصل ، وروي عن ابن جبير وشريك القاضي في قولهم : { ضعيفاً } أنه كان ضرير البصر أعمى ، وحكى الزهراوي : أن حمير تقول للأعمى : ضعيف ، كما يقال له : ضرير ، وقيل : كان ناحل البدن زمنه . قال القاضي أبو محمد : وهذا كله ضعيف ولا تقوم عليه حجة بضعف بصره أو بدنه ؛ والظاهر من قولهم : { ضعيفاً } أنه ضعيف الانتصار والقدرة ، وأن رهطه الكفرة كانوا يراعون فيه . و " الرهط " جماعة الرجل ، ومنه الراهطاء لأن اليربوع يعتصم به كما يفعل الرجل برهطه . و { لرجمناك } قيل : معناه بالحجارة - وهو الظاهر وقاله ابن زيد - وقيل معناه : { لرجمناك } بالسب - وبه فسر الطبري . وهذا أيضاً تستعمله العرب . ومنه قوله تعالى : { لأرجمنك واهجرني ملياً } [ مريم : 46 ] ، وقولهم { بعزيز } أي بذي منعة وعزة ومنزلة في نفوسنا . وقوله تعالى : { قال يا قوم ارهطي } الآية ، " الظهري " الشيء الذي يكون وراء الظهر ، وقد يكون الشيء وراء الظهر بوجهين : في الكلام ، إما بأن يطرح ، كما تقول : جعلت كلامي وراء ظهرك ودبر أذنك ومنه قول الفرزدق : @ تميم بن زيد لا تكونن حاجتي بظهر فلا يعيى عليّ جوابها @@ وإما بأن يسند إليه ويلجأ . ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه : " وألجأت ظهري إليك " فقال جمهور المتأولين في معنى هذه الآية أنه : واتخذتم الله ظهرياً أي غير مراعى وراء الظهر على معنى الاطراح - ورجحه الطبري . قال القاضي أبو محمد : وهو عندي على حذف مضاف ولا بد ، وقال بعضهم : الضمير في قوله : { واتخذتموه } عائد على أمر الله وشرعه ، إذ يتضمنه الكلام . وقالت فرقة : المعنى : أترون رهطي أعز عليكم من الله وأنتم تتخذون الله سند ظهوركم وعماد آمالكم . قال القاضي أبو محمد : فقول الجمهور - على أن كان كفر قوم شعيب جحداً بالله تعالى وجهلاً به . وهذا القول الثاني - على أنهم كانوا يقرون بالخالق الرازق ويعتقدون الأصنام وسائط ووسائل ونحو هذا ؛ وهاتان الفرقتان موجودتان في الكفرة . ومن اللفظة الاستظهار بالبيّنة ، وقد قال ابن زيد : " الظهري " : الفضل ، مثل الجمال يخرج معه بإبل ظهارية يعدها إن احتاج إليها وإلا فهي فضلة . قال القاضي أبو محمد : هذا كله مما يستند إليه . وقوله { إن ربي بما تعملون محيط } خبر في ضمنه توعد . ومعناه محيط علمه وقدرته .