Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 10-12)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا تعديد نعمة الله في المطر ، وقوله { ومنه شجر } أي يكون منه بالتدريج ، إذ يسقي الأرض فينبت عن ذلك السقي الشجر ، وهذا من التجوز ، كقول الشاعر : [ الرجز ] @ أسنمة الآبال في ربابه @@ وكما سمى الآخر العشب سماء ، في قوله : [ الوافر ] @ إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا @@ قال أبو إسحاق : يقال لكل ما نبت على الأرض شجر ، وقال عكرمة لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت يعني الكلأ . و { تسيمون } معناه ترعون أنعامكم وسومها من الرعي وتسرحونها ، ويقال للأنعام السائمة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وفي سائمة الغنم الزكاة " ، يقال أسام الرجل ماشيته إسامة إذا أرسلها ترعى ، وسومها أيضاً وسامت هي ، ومن ذلك قول الأعشى : @ ومشى القوم بالأنعام إلى الرَّو حي وأعيى المسيم أين المساق @@ ومنه قول الآخر : [ الكامل ] @ مثل ابن بزعة أو كآخر مثله أولى لك ابن مسيمة الأجمال @@ أي راعية للأجمال وفسر المتأولون بترعون ، وقرأ الجمهور " ينبت " بالياء على معنى ينبت الله ، يقال نبت الشجر وأنبته الله ، وروي أنبت الشجر بمعنى نبت ، وكان الأصمعي يأبى ذلك ويتمم قصيدة زهير التي فيها : حتى إذا أنبت البقل ، وقرأ أبو بكر عن عاصم ، " ننبت " بنون العظمة ، وخص عز وجل ذكر هذه الأربعة لأنها أشرف ما ينبت وأجمعها للمنافع ، ثم عم بقوله { من كل الثمرات } ، ثم أحال القول على الفكرة في تصاريف النبات والأشجار وهي موضع عبر في ألوانها واطراد خلقها وتناسب ألطافها ، فسبحان الخلاق العليم . وقوله تعالى : { وسخر لكم الليل والنهار } الآية ، قرأ الجمهور بإعمال { سخر } في جميع ما ذكر ونصب " مسخراتٍ " على الحال المؤكدة ، كما قال تعالى : { وهو الحق مصدقاً } [ فاطر : 31 ] وكما قال الشاعر : [ البسيط ] @ أنا ابن دارة معروفاً بها نسبي @@ ونحو هذا وقرأ ابن عامر " والشمسُ والقمرُ والنجومُ مسخراتٌ " برفع هذا كله ، وقرأ حفص عن عاصم " والنجومُ مسخراتٌ بأمره " بالرفع ونصب ما قبل ذلك ، والمعنى في هذه الآية أن هذه المخلوقات مسخرات على رتبة قد استمر بها انتفاع البشر من السكون بالليل والسعي في المعايش وغير ذلك بالنهار ، وأما منافع الشمس والقمر فأكثر من أن تحصى ، وأما النجوم فهدايات ، وبهذا الوجه عدت من جملة النعم على بني آدم ، ومن النعمة بها ضياؤها أحياناً ، قال الزجاج : وعلم عدد السنين والحساب بها . قال القاضي أبو محمد : وفي هذا نظر ، وقرأ ابن مسعود والأعمش وطلحة بن مصرف " والرياح مسخرات " في موضع " النجوم " ، ثم قال { إن في ذلك لآيات } لعظم الأمر لأن كل واحد مما ذكر آية في نفسه لا يشترك مع الآخر ، وقال في الآية قبل الآية لأن شيئاً واحداً يعم تلك الأربعة وهو النبات ، وكذلك في ذكر { ما ذرأ } [ النحل : 13 ] ليسارته بالإضافة ، وأيضاً فـ " آية " بمعنى " آيات " واحد يراد به الجمع .