Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 56-59)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الضمير في قوله { ويجعلون } للكفار ، وقوله { لما لا يعلمون } يريد الأصنام ، ومعناه لا يعلمون فيهم حجة ولا برهاناً ، ويحتمل أن يريد بقوله : { يعلمون } الأصنام ، أي يجعلون لجمادات لا تعلم شيئاً { نصيباً } ، فالمفعول محذوف ، ثم عبر عنهم بعبارة من يعقل بحسب مذهب الكفار الذين يسندون إليها ما يسند إلى من يعقل ، وبحسب أنه إسناد منفي ، وهذا كله ضعيف ، و " النصيب " المشار إليه هو ما كانت العرب سنته من الذبح لأصنامها والإهداء إليها ، والقسم لها من الغلات ، ثم أمر الله تعالى نبيه عليه السلام ، أن يقسم لهم أنهم سيسألون على افترائهم في أن تلك السنن هي الحق الذي أمر الله به كما قال بعضهم ، و " الفرية " اختلاق الكذب وقوله { ويجعلون لله البنات } الآية ، هذا تعديد لقبح قول الكفار : الملائكة بنات الله ورد عليهم من وجهين ، أحدهما نسبة النسل إلى الله تعالى عن ذلك ، والآخر أنهم نسبوا من النسل الأخس المكروه عندهم ، و { ما } في قوله { ما يشتهون } مرتفعة بالابتداء ، والخبر في المجرور قبله ، وأجاز الفراء أن تكون في موضع نصب عطفاً على { البنات } ، والبصريون لا يجيزون هذا لأنه من باب ضربتني ، وكان يلزم عندهم أن يكون لأنفسهم ما يشتهون ، والمراد بقوله { ما يشتهون } : الذكران من الأولاد ، وقوله { وإذا بشر } لما صرح بالشيء المبشر به حسن ذكر البشارة فيه وإلا فالبشارة مطلقة لا تكون إلا في خير ، وقوله { ظل وجهه مسوداً } عبارة عن العبوس والتقطيب الذي يلحق المغموم ، وقد يعلو وجه المغموم سواد وربدة وتذهب شراقته ، فلذلك يذكر له السواد ، و { كظيم } بمعنى كاظم كعليم وعالم ، والمعنى أنه يخفي وجده وهمه بالأنثى ، وقوله { يتوارى من القوم } الآية ، هذا التواري الذي ذكر الله تعالى إنما هو بعد البشارة بالأنثى ، وما يحكى أن الرجل منهم كان إذا أصاب امرأته الطلق توارى حتى يخبر بأحد الأمرين ، فليس المراد في الآية ، ويشبه أن ذلك كان إذا أخبر بسارّ خرج ، وإن أخبر بسوء بقي على تواريه ولم يحتج إلى إحداثه ، ومعنى { يتوارى } يتغيب ، وتقدير الكلام يتوارى من القوم مدبراً { أيمسكه أم يدسه } ؟ وقرأت فرقة " أيمسكه " على لفظ " ما أم يدسها " على معنى الأنثى ، وقرأ الجحدري " أيمسكها أم يدسها " على معنى الأنثى في الموضعين ، وقرأ الجمهور " على هُون " بضم الهاء ، وقرأ عيسى بن عمر " على هوان " ، وهي قراءة عاصم الجحدري ، وقرأ الأعمش " على سوء " ، ومعنى الآية يدبر أيمسك هذه الأنثى على هوان يتحمله وهم يتجلد له ، أم يدسها فيدفنها حية ، فهو الدس في التراب ، ثم استفتح تعالى بالإخبار بسوء حكمهم وفعلهم بهذا في بناتهم ورزق الجميع على الله .