Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 92-93)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

شبهت هذه الآية الذي يحلف أو يعاهد أو يبرم عقدة بالمرأة التي تغزل غزلها وتفتله محكماً ، وشبه الذي ينقض عهده بعد الإحكام بتلك الغازلة إذا نقضت قوى ذلك الغزل فحلته بعد إبرامه ، ويروى أن امرأة حمقاء كانت بمكة تسمى ريطة بنت سعد كانت تفعل ذلك ، فبها وقع التشبيه ، قاله عبد الله بن كثير والسدي ولم يسميا المرأة ، وقيل كانت امرأة موسوسة تسمى خطية تغزل عند الحجر وتفعل ذلك ، وقال مجاهد وقتادة ، ذلك ضرب مثل لا على امرأة معينة و { أنكاثاً } نصب على الحال ، والنكث النقض ، و " القوة " في اللغة واحدة قوى الغزل والحبل ، وغير ذلك مما يظفر ، ومنه قول الأغلب الراجز : @ حبل عجوز فتلت سبع قوى @@ ويظهر لي أن المراد بـ " القوة " في الآية الشدة التي تحدث من تركيب قوى الغزل ولو قدرناها واحدة القوى لم يكن معها ما ينقض { أنكاثاً } ، والعرب تقول أنكثت الحبل إذا انتقضت قواه ، أما إن عرف الغزل أنه قوة واحدة ، ولكن لها أجزاء كأنها قوة كثيرة له ، قال مجاهد : المعنى من بعد إمرار قوة ، و " الدخل " الدغل بعينه ، وهي الذرائع إلى الخدع والغدر ، وذلك أن المحلوف له مطمئن فيتمكن الحالف من ضره بما يريده ، وقوله { أن تكون أمة هي أربى من أمة } ، قال المفسرون : نزلت هذه الآية في العرب الذين كانت القبيلة منهم إذا حالفت الأخرى ثم جاءت إحداهما قبيلة كبيرة ، قوية فداخلتها ، غدرت الأولى ونقضت معها ورجعت إلى هذه الكبرى ، فقال الله تعالى ولا تنقضوا العهود من أجل أن تكون قبيلة أزيد من قبيلة في العدد والعزة و " الربا " الزيادة ، ويحتمل أن يكون القول معناه لا تنقضوا الأيمان من أجل أن تكونوا أربى من غيركم أي أزيد خيراً ، فمعناه لا تطلبوا الزيادة بعضكم على بعض بنقض العهود ، و { يبلوكم } معناه يختبركم ، والضمير في { به } يحتمل أن يعود على الوفاء الذي أمر الله به ، ويحتمل أن يعود على الربا ، أي أن الله تعالى ابتلى عباده بالتحاسد وطلب بعضهم الظهور على بعض ، واختبرهم بذلك ليرى من يجاهد نفسه ممن يتبعها هواها ، وباقي الآية وعيد بين بيوم القيامة ، وقوله { هي أربى } موضع { أربى } عند البصريين رفع وعند الكوفيين نصب ، وهي عماد ولا يجوز العماد هنا عند البصريين لأنه لا يكون مع النكرة ، و { أمة } نكرة ، وحجة الكوفيين أن { أمة } وما جرى مجراها من أسماء الأجناس تنكيرها قريب من التعريف ، ألا ترى أن إدخال الألف واللام عليها لا يخصصها كبير تخصيص ، وفي هذا نظر ، وقوله تعالى : { ولو شاء الله } الآية ، أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه يبتلي عباده بالأوامر والنواهي ليذهب كل أحد إلى ما يسر له ، وذلك منه تعالى بحق الملك ، وأنه لا يسأل عما يفعل ، ولو شاء لكان الناس كلهم في طريق واحد ، إما في هدى وإما في ضلالة ، ولكنه تعالى شاء أن يفرق بينهم ، ويخص قوماً بالسعادة وقوماً بالشقاوة و { يضل } و { يهدي } معناه يخلق ذلك في القلوب خلافاً لقول المعتزلة ، ثم توعد في آخر الآية بسؤال كل أحد يوم القيامة عن عمله ، وهذا سؤال توبيخ ، وليس ثم سؤال تفهم ، وذلك هو المنفي في آيات .