Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 66-69)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الإنسان } اسم للجنس يراد به الكافر ، وروي أن سبب هذه الآية هو أن رجالاً من قريش كانوا يقولون هذا ونحوه ، وذكر أن القائل هو أبي خلف جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم مرفت فنفخ فيه وقال أيبعث هذا وكذب وسخر ، وقيل إن القائل هو العاصي بن وائل ، وقرأ الأعرج وأبو عمرو " ائذا مامت " بالاستفهام الظاهر ، وقرأت فرقة " إذا " دون ألف استفهام وقد تقدم هذا مستوعباً ، وقرأت فرقة بكسر الميم ، وقرأت فرقة " مُت " بضمها . واللام في قوله { لسوف } مجلوبة على الحكاية لكلام تقدم بهذا المعنى كأن قائلاً قال للكافر إذا مت يا فلان لسوف تخرج حياً فقرر الكافر على الكلام على جهة الاستبعاد وكرر اللام حكاية للقول الأول . وقرأ جمهور الناس " أُخرَج " بضم الهمزة وفتح الراء ، وقرأ الحسن بخلاف وأبو حيوة " أَخرُج " بفتح الهمزة وضم الراء . وقوله { أو لا يذكر } احتجاج خاطب الله تعالى به نبيه عليه السلام رداً على مقالة الكافر . وقرأ نافع وعاصم وابن عامر " ويذكر " ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي " يذكّر " بشد الذال والكاف ، وقرأ أبي بن كعب " يتذكر " والنشأة الأولى والإخراج من العدم إلى الوجود أوضح دليل على جواز البعث من القبور ثم قرر وأوجبه السمع ، وقوله { ولم يك شيئاً } دليل على أن المعدوم لا يسمى { شيئاً } وقال أبو علي الفارسي أراد { شيئاً } موجوداً . قال القاضي أبو محمد : وهذه نزعة اعتزالية فتأملها وقوله { فوربك } الآية وعيد يكون ما نفوه على أصعب وجوهه ، والضمير في قوله { لنحشرهم } عائد للكفار القائلين ما تقدم ، ثم أخبر أنه يقرن بهم { الشياطين } المغوين لهم . وقوله { جثياً } جمع جاث كقاعد وقعود وجالس وجلوس وأصله جثووا وليس في كلام العرب واو متطرفة قبلها ضمة فوجب لذلك أن تعل ، ولم يعتد هاهنا بالساكن الذي بينهما لخفته وقلة حوله فقلبت ياء فجاء جثوياً فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت ياء ثم أدغمت ثم كسرت التاء للتناسب بين الكسرة والياء . وقرأ الجمهور " جُثياً " و " صُلياً " [ مريم : 70 ] بضم الجيم والصاد ، وقرأ ابن وثاب وطلحة والأعمش " جِثياً " و " صِلياً " [ ذاته ] بكسر الجيم والصاد وأخبر الله تعالى أنه يحضر هؤلاء المنكرين للبعث مع الشياطين فيجثون حول جهنم وهي قعدة الخائف الذليل على ركبتيه كالأسير . ونحوه قال قتادة { جثياً } معناه على ركبهم وقال ابن زيد : الجثي شر الجلوس ، و " الشيعة " الفرقة المرتبطة بمذهب واحد المتعاونة فيه كأن بعضهم يشيع بعضاً أي ينبه ، ومنه تشييع النار بالحطب وهو وقدها به شيئاً بعد شيء ، ومنه قيل للشجاع مشيع القلب فأخبر الله أنه ينزع { من كل شيعة } أعتاها وأولاها بالعذاب فتكون تلك مقدمتها إلى النار . قال أبو الأحوص : المعنى نبدأ بالأكابر فالأكابر جرماً ، ثم أخبر تعالى في الآية بعد ، أنه أعلم بمستحقي ذلك وأبصر لأنه لم تخف عليه حالهم من أولها إلى آخرها . وقرأ بعض الكوفيين ومعاذ بن مسلم وهارون القاري " أيَّهم " بالنصب ، وقرأ الجمهور " أيُّهم " بالرفع ، إلا أن طلحة والأعمش سكنا ميم " أيهمْ " واختلف الناس في وجه رفع " أي " ، فقال الخليل رفعه على الحكاية بتقدير الذي يقال فيه من أجل عتوه " أيُّهم " أشد وقرنه بقول الشاعر : [ الكامل ] @ ولقد أبيت من الفتاة بمنزل فأبيت لا حرج ولا محروم @@ أي فأبيت يقال فيَّ لا حرج ولا محروم . ورحج الزجاج قول الخليل وذكر عنه النحاس أنه غلط سيبوبه في قوله في هذه المسألة ، قال سيبويه : ويلزم على هذا أن يجوز أضرب السارق الخبيث أي الذي يقال له ع : وليس بلازم من حيث هذه أسماء مفردة والآية جملة وتسلط الفعل على المفرد أعظم منه على الجملة ، ومذهب سيبوبه أن " أيُّهم " مبني على الضم إذ هي اخت " الذي ولما " وخالفتهما في جواز الإضافة فيها فأعربت لذلك ، فلما حذف من صلتها ما يعود عليها ضعفت فرجعت الى البناء ، وكأن التقدير " أيُّهم " هو أشد . قال أبو علي : حذف ما الكلام مفتقر إليه فوجب البناء ، وقال يونس : علق عنها الفعل وارتفعت بالابتداء ، قال أبو علي : معنى ذلك أنه معمل في موضع من كل شيعة إلا أنه ملغى لأنه لا تعلق جملة إلا أفعال الشك كظننت ونحوها مما لم يتحقق وقوعه ، وقال الكسائي { لننزعن } أريد به لننادين فعومل معاملة الفعل المراد فلم يعمل في " أي " وقال المبرد " أيُّهم " متعلق بـ { شيعة } فلذلك ارتفع ، والمعنى من الذين تشايعوا " أيهم " أشد كأنهم يتبارون إلى هذا ويلزمه أن يقدر مفعولاً لـ " ننزع " محذوفاً . وقرأ طلحة بن مصرف " أيهم أكبر " . و { عتيا } مصدر أصله عتوواً وعلل بما علل { جثياً } وروى أبو سعيد الخدري " أنه يندلق عنق من النار فيقول إني أمرت بكل جبار عنيد " فتلتقطهم الحديث .