Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 70-72)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي نحن في ذلك النزع لا نضع شيئاً غير موضعه لأنا قد أحطنا علماً بكل أحد فالأولى بصلي النار نعرفه ، و " الصلي " مصدر صلي يصلي إذا باشره قال ابن جريج : المعنى { أولى } بالخلود ، وقوله { وإن } منكم إلا واردها قسم ، والواو تقتضيه ، ويفسره قول النبي عليه السلام " من مات له ثلاث من الولد لم تمسه النار إلا تحلة القسم " وقرأ ابن عباس وعكرمة وجماعة " وإن منهم " بالهاء على إرادة الكفار فلا شغب في هذه القراءة ، وقالت فرقة من الجمهور القارئين { منكم } المعنى قل لهم يا محمد فإنما المخاطب منكم الكفرة وتأويل هؤلاء أيضاً سهل التناول ، وقال الأكثر المخاطب العالم كله ولا بد من " ورود " الجميع ، واختلفوا في كيفية " ورود " المؤمنين فقال ابن مسعود وابن عباس وخالد بن معدان وابن جريج وغيرهم : " ورود " دخول لكنها لا تعدو على المؤمنين ثم يخرجهم الله منها بعد معرفتهم بحقيقة ما نجوا منه ، وروى عن ابن عباس أنه قال في هذه المسألة لنافع بن الأزرق الخارجي : أما أنا وأنت فلا بد أن نردها ، فأما أنا فينجيني الله منها ، وأما أنت فما أظنه ينجيك . وقالوا : في القرآن أربعة أوراد معناها الدخول هذه أحدها ، وقوله تعالى : { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار } [ هود : 98 ] ، وقوله { ونسوق المجرمين الى جهنم ورداً } [ مريم : 86 ] ، وقوله { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } [ الأنبياء : 98 ] ، وقالوا كان من دعاء بعض السلف " اللهم أدخلني النار سالماً وأخرجني منها غانماً " . وروى جابر بن عبد الله عن النبي عليه السلام أنه قال " الورود في هذه الآية هو الدخول " وأشفق كثير من العلماء من تحقق الورود والجهل بالصدر ، وقالت فرقة بل هو ورود إشراف وإطلاع وقرب كما تقول وردت الماء إذا جئته ، وليس يلزم ان تدخل فيه ، وقال حسب المؤمنين بهذا هولاً ومنه قوله تعالى : { ولما ورد ماء مدين } [ القصص : 23 ] ، وروت فرقة أن الله تعالى يجعل يوم القيامة النار جامدة الأعلى كأنها اهالة . فيأتي الخلق كلهم ، برهم وفاجرهم ، فيقفون عليها ثم تسوخ بأهلها ويخرج المؤمنون الفائزون لم ينلهم ضر ، قالوا فهذا هو " الورود " وروت حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية " ، فقالت يا رسول الله وأين قول الله { وإن منكم إلا واردها } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فمه ثم ننجي الذين اتقوا " ، ورجح الزجاج هذا القول بقوله تعالى : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } [ الأنبياء : 101 ] ع : وهذا ضعيف وليس هذا موضع نسخ وقال عبدالله بن مسعود : ورودهم هو جوازهم على الصراط وذلك أن الحديث الصحيح تضمن " أن الصراط مضروب على جسر جهنم فيمر الناس كالبرق وكالريح وكالجواد من الخيل على مراتب ثم يسقط الكفار في جهنم وتأخذهم كلاليب " ، قالوا فالجواز على على الصراط هو " الورود " الذي تضمنته هذه الآية ، وقال مجاهد : ورود المؤمنين هو الحمى التي تصيب في دار الدنيا ، وفي الحديث " الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء " ، وفي الحديث " الحمى حظ كل مؤمن من النار " ، وروى أبو هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل مريض عاده من الحمى : إن الله تعالى يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من نار الآخرة " فهذا هو الورود : و " الحتم " الأمر المنفذ المجزوم ، وقرأ أبي بن كعب وابن عباس " ثم ننجي " بفتح الثاء من " ثَم " على الظرف ، وقرأ ابن أبي ليلى " ثَمة " بفتح الثاء وهاء السكت ، وقرأ نافع وابن كثير وجمهور من الناس " ننَجّي " بفتح النون الثانية وشد الجيم ، وقرأ يحيى والأعمش " ننْجي " بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم ، وقرأت فرقة " نُجّي " بنون واحدة مضمونة وجيم مشددة ، وقرأ علي بن أبي طالب " ثَم " بفتح الثاء " ننحي " بالحاء غير منقوطة . و { الذين اتقوا } معناه اتقوا الكفر ، وقال بعض العلماء لا يضيع أحد بين الإيمان والشفاعة . { ونذر } دالة على أنهم كانوا فيها ، والظلم هنا هو ظلم الكفر ، وقد تقدم القول في قوله { جثياً } ، وقرأ ابن عباس " الذين اتقوا منها ونترك الظالمين " .