Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
اختلف في الحروف التي في أوائل السورة على قولين : قال الشعبي عامر بن شراحيل وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين : " هي سرّ الله في القرآن ، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه ، ولا يجب أن يتكلم فيها ، ولكن يؤمن بها وتُمَرُّ كما جاءت " . وقال الجمهور من العلماء : " بل يجب أن يُتكلم فيها وتُلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها " واختلفوا في ذلك على اثني عشر قولاً : فقال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهما : " الحروف المقطعة في القرآن هي اسم الله الأعظم ، إلا أنا لا نعرف تأليفه منها " . وقال ابن عباس أيضاً : " هي أسماء الله أقسم بها " . وقال زيد بن أسلم : " هي أسماء للسور " . وقال قتادة : " هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر " . وقال مجاهد : " هي فواتح للسور " . قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : كما يقولون في أول الإنشاد لشهير القصائد : " بل " و " لا بل " . نحا هذا النحو أبو عبيدة والأخفش . وقال قوم : " هي حساب أبي جاد لتدل على مدة ملة محمد صلى الله عليه وسلم كما ورد في حديث حيي بن أخطب " وهو قول أبي العالية رفيع وغيره . وقال قطرب وغيره : " هي إشارة إلى حروف المعجم ، كأنه يقول للعرب : إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم ، فقوله { الم } بمنزلة قولك أ ، ب ، ت ، ث ، لتدل بها على التسعة والعشرين حرفاً " . وقال قوم : " هي أمارة قد كان الله تعالى جعلها لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتاباً في أول سور منه حروف مقطعة " . وقال ابن عباس : " هي حروف تدل على : أنا الله أعلم ، أنا الله أرى ، أنا الله أفصّل " . وقال ابن جبير عن ابن عباس : " هي حروف كل واحد منها إما أن يكون من اسم من أسماء الله ، وإما من نعمة من نعمه ، وإما من اسم ملك من ملائكة ، أو نبي من أنبيائه " . وقال قوم : " هي تنبيه كـ " يا " في النداء " . وقال قوم : " روي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحوا لها أسماعهم فيسمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة " . قال القاضي أبو محمد : والصواب ما قاله الجمهور أن تفسر هذه الحروف ويلتمس لها التأويل : لأنا نجد العرب قد تكلمت بالحروف المقطعة نظماً لها ووضعاً بدل الكلمات التي الحروف منها ، كقول الشاعر : [ الوليد بن المغيرة ] [ الرجز ] . @ قلنا لها قفي فقالت قاف @@ أراد قالت : وقفت . وكقول القائل : [ زهير بن أبي سلمى ] [ الرجز ] . @ بالخير خيرات وإن شرّاً فا ولا أريد الشر إلا أن تا @@ أراد : وإن شرّاً فشر ، وأراد : إلا أن تشاء . والشواهد في هذا كثيرة ، فليس كونها في القرآن مما تنكره العرب في لغتها ، فينبغي إذا كان معهود كلام العرب أن يطلب تأويله ويلتمس وجهه ، والوقف على هذه الحروف على السكون لنقصانها إلا إذا أخبرْتَ عنها أو عطفْتَها فإنك تُعربها . وموضع { الم } من الإعراب رفع على أنه خبر ابتداء مضمر ، أو على أنه ابتداء ، أو نصب بإضمار فعل ، أو خفض بالقسم ، وهذا الإعراب يتجه الرفع منه في بعض الأقوال المتقدمة في الحروف ، والنصب في بعض ، والخفض في قول ابن عباس رضي الله عنه أنها أسماء لله أقسم بها .