Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 23-24)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الريب الشك ، وهذه الآية تقتضي أن الخطاب المتقدم إنما هو لجماعة المشركين الذي تحدوا ، وتقدم تفسير لفظ سورة في صدر هذا التعليق . وقرأ يزيد بن قطيب : " أنزلنا " بألف . واختلف المتأولون على من يعود الضمير في قوله { مثله } : فقال جمهور العلماء : هو عائد على القرآن ثم اختلفوا . فقال الأكثر من مثل نظمه ورصفه وفصاحة معانية التي يعرفونها ولا يعجزهم إلا التأليف الذي خُصَّ به القرآن ، وبه وقع الإعجاز على قول حذاق أهل النظر . وقال بعضهم : { من مثله } في غيوبه وصدقه وقدمه ، فالتحدي عند هؤلاء وقع بالقدم ، والأول أبين و { من } على هذا القول زائدة ، أو لبيان الجنس ، وعلى القول الأول هي للتعبيض ، أو لبيان الجنس . وقالت فرقة : الضمير في قوله { من مثله } عائد على محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم اختلفوا . فقالت طائفة : من أمي صادق مثله . وقالت طائفة : من ساحر أو كاهن أو شاعر مثله . على زعمكم أيها المشركون . وقالت طائفة : الضمير في { مثله } عائد على الكتب القديمة التوراة والإنجيل والزبور . وقوله تعالى : { وادعوا شهداءكم } معناه دعاء استصراخ ، والشهداء من شهدهم وحضرهم من عون ونصير ، قاله ابن عباس . وقيل عن مجاهد : إن المعنى دعاء استحضار . والشهداء جمع شاهد ، أي من يشهد لكم أنكم عارضتم ، وهذا قول ضعيف . وقال الفراء : شهداؤهم يراد بهم آلهتهم . وقوله تعالى : { إن كنتم صادقين } أي فيما قلتم من الريب . هذا قول بعض المفسرين . وقال غيره : فيما قلتم من أنكم تقدرون على المعارضة . ويؤيد هذا القول أنه قد حكى عنهم في آية أخرى : { لو نشاء لقلنا مثل هذا } [ الأنفال : 31 ] . وقوله تعالى : { فإن لم تفعلوا } ، دخلت " إن " على { لم } لأن { لم تفعلوا } معناه تركتم الفعل ، فـ " إن " لا تؤثر كما لا تؤثر في الماضي من الأفعال ، و { تفعلوا } جزم بـ { لم } ، وجزمت بـ { لم } لأنها أشبهت " لا " في التبرية في أنهما ينفيان ، فكما تحذف لا تنوين الاسم كذلك تحذف لم الحركة أو العلامة من الفعل . وقوله : { ولن تفعلوا } نصبت { لن } ، ومن العرب من تجزم بها ، ذكره أبو عبيدة ، ومنه بيت النابغة على بعض الروايات : [ البسيط ] @ فلن أعرّضْ أبيت اللعن بالصفد @@ وفي الحديث في منامة عبد الله بن عمر فقيل لي : " لن ترعْ " هذا على تلك اللغة ، وفي قوله : { لن تفعلوا } إثارة لهممهم وتحريك لنفوسهم ، ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع ، وهو أيضاً من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها . وقوله تعالى : { فاتقوا النار } ، أمر بالإيمان وطاعة الله خرج في هذه الألفاظ المحذرة . وقرأ الجمهور : " وَقودها " بفتح الواو . وقرأ الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف وأبو حيوة : " وقودها " بضم الواو في كل القرآن ، إلا أن طلحة استثنى الحرف الذي في البروج ، وبفتح الواو هو الحطب وبضمها هو المصدر ، وقد حكيا جميعاً في الحطب وقد حكيا في المصدر . قال ابن جني : " من قرأ بضم الواو فهو على حذف مضاف تقديره ذو وقودها ، لأن الوقود بالضم مصدر ، وليس بالناس ، وقد جاء عنهم الوقود بالفتح في المصدر ، ومثله ولعت به " ولوعاً " بفتح الواو ، وكله شاذ ، والباب هو الضم " . وقوله : { الناس } عموم معناه الخصوص فيمن سبق عليه القضاء بدخولها . وروي عن ابن مسعود في { الحجارة } أنها حجارة الكبريت وخصت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع من العذاب : سرعة الاتقاد ، ونتن الرائحة ، وكثرة الدخان ، وشدة الالتصاق بالأبدان ، وقوة حرها إذا حميت . وفي قوله تعالى : { أعدت } رد على من قال : إن النار لم تخلق حتى الآن ، وهو القول الذي سقط فيه منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي ، وذهب بعض المتأولين إلى أن هذه النار المخصصة بالحجارة هي نار الكافرين خاصة ، وأن غيرها هي للعصاة . وقال الجمهور : بل الإشارة إلى جميع النار لا إلى نار مخصوصة ، وإنما ذكر الكافرين ليحصل المخاطبون في الوعيد ، إذ فعلهم كفر ، فكأنه قال أعدت لمن فعل فعلكم ، وليس يقتضي ذلك أنه لا يدخلها غيرهم . وقرأ ابن أبي عبلة : " أَعدَّها الله للكافرين " .