Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 25-25)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ بشر } مأخوذ من البشرة لأن ما يبشر به الإنسان من خير أو شر يظهر عنه أثر في بشرة الوجه ، والأغلب استعمال البشارة في الخير ، وقد تستعمل في الشر مقيدة به منصوصاً على الشر المبشر به ، كما قال تعالى : { فبشرهم بعذاب أليم } [ آل عمران : 21 ، التوبة ، 34 ، الانشقاق : 24 ] ومتى أطلق لفظ البشارة فإنما يحمل على الخير ، وفي قوله تعالى : { وعملوا الصالحات } رد على من يقول إن لفظة الإيمان بمجردها تقتضي الطاعات لأنه لو كان ذلك ما أعادها . و { أن } في موضع نصب بـ { بشرِّ } وقيل في موضع خفض على تقدير باء الجر و { جنات } جمع جنة ، وهي بستان الشجرة والنخيل ، وبستان الكرم يقال له الفردوس ، وسميت جنة لأنها تجن من دخلها أي تستره ، ومنه المجن والجنن وجن الليل ، و { من تحتها } معناه من تحت الأشجار التي يتضمنها ذكر الجنة وقيل قوله { من تحتها } معناه بإزائها كما تقول داري تحت دار فلان وهذا ضعيف ، و { الأنهار } المياه في مجاريها المتطاولة الواسعة ، لأنها لفظة مأخوذة من أنهرت أي سعت ، ومنه قول قيس بن الخطيم : [ الطويل ] . @ ملكت بها كفي فأنْهَرْتَ فَتْقَها يَرَى قَائِمٌ من دونِها ما وراءَها @@ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما أنهر الدم وذكرَ اسمُ الله عليه فكلوه " معناه ما وسع الذبح حتى جرى الدم كالنهر ونسب الجري إلى النهر وإنما يجري الماء وحده تجوزاً ، كما قال { واسأل القربة } [ يوسف : 82 ] وكما قال الشاعر : [ مهلهل أخو كليب ] [ الكامل ] @ نُبِّئْتُ أن النارَ بعدَك أوقدتْ واستبّ بعدك يا كليبُ المجلسُ @@ وروي أن أنهار الجنة ليست في أخاديد ، إنما تجري على سطح أرض الجنة منضبطة ، وقوله : { كلما } ظرف يقتضي الحصر وفي هذه الآية رد على من يقول : إن الرزق من شروطه التملك . قال القاضي أبو محمد : ذكر هذا بعض الأصوليين وليس عندي ببين ، وقولهم { هذا } إشارة إلى الجنس أي : هذا من الجنس الذي رزقنا منه من قبل ، والكلام يحتمل أن يكون تعجباً وهو قول ابن عباس ، ويحتمل أن يكون خبراً من بعضهم لبعض ، قاله جماعة من المفسرين . وقال الحسن ومجاهد : " يرزقون الثمرة ثم يرزقون بعدها مثل صورتها والطعم مختلف فهم يتعجبون لذلك ويخبر بعضهم بعضاً " . وقال ابن عباس : " ليس في الجنة شيء مما في الدنيا سوى الأسماء ، وأما الذوات فمتباينة " . وقال بعض المتأولين : " المعنى أنهم يرون الثمر فيميزون أجناسه حين أشبه منظره ما كان في الدنيا ، فيقولون : { هذا الذي رزقنا من قبل } في الدنيا " . قال القاضي أبو محمد : وقول ابن عباس الذي قبل هذا يرد على هذا القول بعض الرد . وقال بعض المفسرين : " المعنى هذا الذي وعدنا به في الدنيا فكأنهم قد رزقوه في الدنيا إذ وعد الله منتجز " . وقال قوم : إن ثمر الجنة إذا قطف منه شيء خرج في الحين في موضعه مثله فهذا إشارة إلى الخارج في موضع المجني . وقرأ جمهور الناس : " وأُتُوا " بضم الهمزة وضم التاء . وقرأ هارون الأعور : " وأَتَوا " بفتح الهمزة والتاء والفاعل على هذه القراءة الولدان والخدام ، و " أتوا " على قراءة الجماعة أصله أتيوا نقلت حركة الياء إلى التاء ثم حذفت الياء للالتقاء . وقوله تعالى : { متشابهاً } قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغيرهم : " معناه يشبه بعضه بعضاً في المنظر ويختلف في الطعم " . وقال عكرمة : " معناه يشبه ثمر الدنيا في المنظر ويباينه في جل الصفات " . وقوله تعالى : { متشابهاً } معناه خيار لا رذل فيه ، كقوله تعالى : { كتاباً متشابهاً } [ الزمر : 23 ] . قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : كأنه يريد متناسباً في أن كل صنف هو أعلى جنسه فهذا تشابه ما ، وقيل { متشابهاً } أي مع ثمر الدنيا في الأسماء لا في غير ذلك من هيئة وطعم ، و { أزواج } جمع زوج والمرأة زوج الرجل والرجل زوج المرأة ويقال في المرأة زوجة ومنه قول الفرزدق : [ الطويل ] @ وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أُسْد الشرى يستبيلُها @@ وقال عمار بن ياسر في شأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : " والله إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلاكم " . ذكر البخاري وغيره الحديث بطوله . و { مطهرة } أبلغ من طاهرة ، ومعنى هذه الطهارة من الحيض والبزاق وسائر أقذار الآدميات ، وقيل من الآثام . والخلود الدوام في الحياة أو الملك ونحوه وخلد بالمكان إذا استمرت إقامته فيه ، وقد يستعمل الخلود مجازاً فيما يطول ، وأما هذا الذي في الآية فهو أبدي حقيقة .