Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 40-41)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا } حرف نداء مضمن معنى التنبيه . قال الخليل : " والعامل في المنادي فعل مضمر كأنه يقول : أريد أو أدعو " . وقال أبو علي الفارسي : العامل حرف النداء عصب به معنى الفعل المضمر فقوي فعمل ، ويدل على ذلك أنه ليس في حروف المعاني ما يلتئم بانفراده مع الأسماء غير حرف النداء ، و { بني } منادى مضاف و { إسرائيل } هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ، وهو اسم أعجمي يقال فيه أسراءل وإسرائيل وإسرائل ، وتميم تقول إسرائين ، وإسرا هو بالعبرانية عبد وإيل اسم الله تعالى فمعناه عبد الله . وحكى المهدوي أن - إسرا - مأخوذ من الشدة في الأسر كأنه الذي شد الله أسره وقوى خلقته . وروي عن نافع والحسن والزهري وابن أبي إسحاق ترك همز إسراييل ، والذكر في كلام العرب على أنحاء ، وهذا منها ذكر القلب الذي هو ضد النسيان ، والنعمة هنا اسم الجنس فهي مفردة بمعنى الجمع ، وتحركت الياء من { نعمتي } لأنها لقيت الألف واللام ، ويجوز تسكينها ، وإذا سكنت حذفت للالتقاء وفتحها أحسن لزيادة حرف في كتاب الله تعالى ، وخصص بعض العلماء النعمة في هذه الآية . فقال الطبري : " بعثة الله الرسل منهم وإنزال المن والسلوى ، وإنقاذهم من تعذيب آل فرعون ، وتفجير الحجر " . وقال غيره : " النعمة هنا أن دركهم مدة محمد صلى الله عليه وسلم " . وقال أخرون : " هي أن منحهم علم التوراة وجعلهم أهله وحملته " . قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذه أقوال على جهة المثال ، والعموم في اللفظة هو الحسن . وحكى مكي : أن المخاطب من بني إسرائيل بهذا الخطاب هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم ، لأن الكافر لا نعمة لله عليه . وقال ابن عباس وجمهور العلماء : بل الخطاب لجميع بني إسرائيل في مدة النبي عليه السلام ، مؤمنهم وكافرهم ، والضمير في { عليكم } يراد به على آبائكم كما تقول العرب ألم نهزمكم يوم كذا لوقعة كانت بين الآباء والأجداد ، ومن قال إنما خوطب المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم استقام الضمير في { عليكم } ويجيء كل ما توالى من الأوامر على جهة الاستدامة . وقوله تعالى : { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } أمر وجوابه . فقال الخليل : " جزم الجواب في الأمر من معنى الشرط ، والوفاء بالعهد هو التزام ما تضمن من فعل " . وقرأ الزهري : " أوَفّ " بفتح الواو وشد الفاء للتكثير . واختلف المتأولون في هذا العهد إليهم فقال الجمهور ذلك عام في جميع أوامره ونواهيه ووصاياه فيدخل في ذلك ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة ، وقيل العهد قوله تعالى : { خذوا ما آتيناكم بقوة } [ البقرة : 63 ، 93 ] ، وقال ابن جريج : العهد قوله تعالى : { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل } [ المائدة : 12 ] ، وعهدهم هو أن يدخلهم الجنة ، ووفاؤهم بعهد الله أمارة لوفاء الله تعالى لهم بعهدهم ، لا علة له ، لأن العلة لا تتقدم المعلول . وقوله تعالى : { وإياي فارهبون } الاسم إيا والياء ضمير ككاف المخاطب ، وقيل { إياي } بجملته هو الاسم ، وهو منصوب بإضمار فعل مؤخر ، تقديره : وإياي ارهبوا فارهبون ، وامتنع أن يتقدر مقدماً لأن الفعل إذا تقدم لم يحسن أن يتصل به إلا ضمير خفيف ، فكان يجيء وارهبون ، والرهبة يتضمن الأمر بها معنى التهديد وسقطت الياء بعد النون لأنها رأس آية . وقرأ ابن أبي إسحاق بالياء ، { وآمنوا } معناه صدقوا ، و { مصدقاً } نصب على الحال من الضمير في { أنزلت } ، وقيل ما " والعامل فيه { آمنوا } وما أنزلت كناية عن القرآن ، و { لما معكم } يعني من التوراة وقوله تعالى : { ولا تكونوا أول كافر به } هذا من مفهوم الخطاب الذي : المذكور فيه والمسكوت عنه حكمهما واحد ، فالأول والثاني وغيرهما داخل في النهي ، ولكن حذروا البدار إلى الكفر به إذ على الأول كفل من فعل المقتدى به ، ونصب أول على خبر كان . قال سيبويه : { أول } أفعل لا فعل له لاعتلال فائه وعينه " قال غير سيبويه : " هو أوأل من وأل إذا نجا ، خففت الهمزة وأبدلت واواً وأدغمت " . وقيل : إنه من آل فهو أأول قلب فجاء وزنه أعفل ، وسهل وأبدل وأدغم ، ووحد كافر وهو بنية الجمع لأن أفعل إذا أضيف إلى اسم متصرف من فعل جاز إفراد ذلك الاسم ، والمراد به الجماعة . قال الشاعر : [ الكامل ] @ وإذا همُ طعموا فألأمُ طاعمٍ وإذا همُ جاعوا فشرُّ جياع @@ وسيبويه يرى أنها نكرة مختصرة من معرفة كأنه قال ولا تكونوا أول كافرين به وقيل معناه : ولا تكونوا أول فريق كافر به . قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : وقد كان كفر قبلهم كفار قريش ، فإنما معناه من أهل الكتاب ، إذ هم منظور إليهم في مثل هذا ، لأنهم حجة مظنون بهم علم ، واختلف في الضمير في { به } على من يعود ، فقيل على محمد عليه السلام ، وقيل على التوراة إذ تضمنها قوله : { لما معكم } . قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وعلى هذا القول يجيء { أول كافر به } مستقيماً على ظاهرة في الأولية ، وقيل الضمير في { به } عائد على القرآن ، إذ تضمنه قوله { بما أنزلت } . واختلف المتأولون في الثمن الذي نهوا أن يشتروه بالآيات . فقالت طائفة : إن الأحبار كانوا يعلمون دينهم بالأجرة ، فنهوا عن ذلك وفي كتبهم : علم مجاناً كما علمت مجاناً أي باطلاً بغير أجرة . وقال قوم : كانت للأحبار مأكلة يأكلونها على العلم كالراتب فنهوا عن ذلك . وقال قوم : إن الأحبار أخذوا رشى على تغيير قصة محمد عليه السلام في التوراة ، ففي ذلك قال تعالى : { ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً } [ البقرة : 41 ، المائدة : 44 ] . وقال قوم : معنى الآية ولا تشتروا بأوامري ونواهيَّ وآياتي ثمناً قليلاً ، يعني الدنيا ومدتها والعيش الذي هو نزر لا خطر له ، وقد تقدم نظير قوله { وإياي فاتقون } وبين { اتقون } و { ارهبون } فرق ، ان الرهبة مقرون بها وعيد بالغ .