Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 62-66)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقفهم في هذه الآية على المعاني التي تبين لكل عاقل أنه لا مدخل لصنم ولا لوثن فيها وهي عبر ونعم ، فالحجة قائمة بها من الوجهين ، وقوله تعالى : { يجيب المضطر } معناه بشرط إن شاء على المعتقد في الإجابة ، لكن { المضطر } لا يجيبه متى أجيب إلا الله عز وجل ، و { السوء } عام في كل ضر يكشفه الله تعالى عن عباده ، وقرأ الحسن " ويجعلكم " بياء على صيغة المستقبل ورويت عنه بنون ، وكل قرن خليف للذي قبله . وقرأ جمهور القراء " تذكرون " بالتاء على المخاطبة ، وقرأ أبو عمرو وحده والحسن والأعمش بالياء على الغيب ، و " الظلمات " عام لظلمة الليل التي هي الحقيقة في اللغة ولظلمة الجهل والضلال والخوف التي هي مجازات وتشبيهات وهذا كقول الشاعر : @ " تجلت عمايات الرجال عن الصبا " @@ وكما تقول أظلم الأمر وأنار ، وقد تقدم اختلاف القراء في قوله { نشراً } ، وقرأ الحسن وغيره ، " يشركون " بالياء على الغيبة ، وقرأ الجمهور " تشركون " على المخاطبة ، و " بدء الخلق " اختراعه وإيجاده ، و { الخلق } هنا المخلوق من جميع الأشياء لكن المقصود بنو آدم من حيث ذكر الإعادة ، و " الإعادة " البعث من القبور ويحتمل أن يريد بـ { الخلق } مصدر خلق يخلق ويكون في { يبدأ } { ويعيد } استعارة للإتقان والإحسان كما تقول فلان يبدي ويعيد في أمر كذا وكذا إذا كان يتقنه ، والرزق { من السماء } بالمطر ومن { الأرض } بالنبات ، هذا مشهور ما يحسه البشر ، وكم لله من لطف خفي ، ثم أمر عز وجل نبيه أن يوقفهم على أن { الغيب } مما انفرد الله بعلمه ولذلك سمي غيباً لغيبه عن المخلوقين ، ويروى أن هذه الآية من قولهم { قل لا يعلم } ، إنما نزلت لأن الكفار سألوا وألحوا عن وقت القيامة التي يعدهم محمد فنزلت هذه الآية فيها التسليم لله تعالى وترك التحديد ، فأعلم عز وجل أنه لا يعلم وقت الساعة سواه فجاء بلفظ يعم الساعة وغيرها ، وأخبر عن البشر أنهم لا يشعرون { أيان يبعثون } وبهذه الآية احتجت عائشة رضي الله عنها على قولها ومن زعم أن محمداً يعلم الغيب فقد أعظم الفرية ، والمكتوبة في قوله تعالى : { إلا الله } بدل من { من } ، وقرأ جمهور الناس " أيان " بفتح الهمزة ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي " إيان " بكسرها وهما لغتان ، وقرأ جمهور القراء " بل ادارك " أصله تدارك أدغمت التاء في الدال بعد أن أبدلت ثم احتيج إلى ألف الوصل ، وقرأ أبي بن كعب فيما روي عنه " تدارك " ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " بل ادرك " على وزن افتعل وهي بمعنى تفاعل ، وقرأ سليمان بن يسار وعطاء بن يسار " بلَ ادّرك " بفتح اللام ولا همزة تشديد الدال دون ألف ، وقرأ ابن كثير وأبو جعفر وأهل مكة ، " بل أدرك " ، وقرأ مجاهد " أم أدرك " بدل " بل " ، وفي مصحف أبي بن كعب " أم تدارك علمهم " ، وقرأ ابن عباس " بل أدرك " وقرأ ابن عباس أيضاً " بل آدارك " بهمزة ومدة على جهة الاستفهام ، وقرأ ابن محيصن " بل آدرك " على الاستفهام ونسبها أبو عمرو الداني إلى ابن عباس والحسن . فأما قراءة الاستفهام فهي على معنى الهزء بالكفرة والتقرير لهم على ما هو في غاية البعد عنهم أي اعلموا أمر الآخرة وأدركها علمهم ؟ وأما القراءات المتقدمة فتحتمل معنيين أحدهما " بل أدرك علمهم " أي تناهى كما تقول أدرك النبات وغيره وكما تقول هذا ما أدرك علمي من كذا وكذا فمعناه قد تتابع وتناهى علمهم بالآخرة إلى أن لا يعرفوا لها مقداراً فيؤمنوا ، وإنما لهم ظنون كاذبة أو إلى أن لا يعرفوا لها وقتاً وكذلك " ادرك وتدارك " وسواها وإن جملت هذه القراءة معنى التوقيف والاستفهام ساغ وجاء إنكاراً لأن أدركوا شيئاً نافعاً ، والمعنى الثاني " بل أدرك " بمعنى يدرك أي إنهم في الآخرة يدرك علمهم وقت القيامة ، ويرون العذاب والحقائق التي كذبوا بها وأما في الدنيا فلا . وهذا هو تأويل ابن عباس ونحى إليه الزجاج ، فقوله { في الآخرة } على هذا التأويل ظرف ، وعلى التأويل الأول { في } بمعنى الباء ، و " العلم " قد يتعدى بحرف الجر تقول علمي يزيد كذا ومنه قول الشاعر : [ الطويل ] @ وعلمي بإسدام المياه … @@ البيت . ثم وصفهم عز وجل بأنهم { في شك منها } ثم أردف بصفة هي أبلغ من الشك وهي العمى بالجملة عن أمر الآخرة ، و { عمون } أصله عميون كحذرون وغيره .