Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 164-165)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللام في { لقد } لام القسم ، و { منّ } في هذه الآية معناه : تطول وتفضل ، وقد يقال : منّ بمعنى : كدرمعروفه بالذكر فهي لفظة مشتركة . وقوله تعالى : { من أنفسهم } معناه في الجنس واللسان والمجاورة فكونه من الجنس يوجب الأنس به وقلة الاستيحاش منه ، وكونه بلسانهم يوجب حسن التفهيم وقرب الفهم ، وكونه جاراً وربياً يوجب التصديق والطمأنينة ، إذ قد خبروه وعرفوا صدقه وأمانته فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسب قومه ، وكذلك الرسل ، قال النقاش : ليس في العرب قبيلة إلى وقد ولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل أمهاتهم إلا بني تغلب لنصرانيتهم ، والآيات في هذه الآية ، يحتمل أن يراد بها القرآن ويحتمل أن يراد بها العلامات ، والأول أظهر ، { ويزكيهم } معناه : يطهرهم من دنس الكفر والمعاصي ، قال بعض المفسرين : معناه يأخذ منهم الزكاة ، وهذا ضعيف ، و { الكتاب } : القرآن ، { والحكمة } ، السنة المتعلمة من لسانه عليه السلام ، ثم ذكر حالتهم الأولى من الضلال ليظهر الفرق بتجاور الضدين - وقيل : لفظة مبنية لما تضمنت الإضافة ، فأشبهت الحروف في تضمن المعاني فبنيت . ثم وقف تعالى المؤمنين على الخطأ في قلقهم للمصيبة التي نزلت بهم وإعراضهم عما نزل بالكفار ، وعرفهم أن ذلك لسبب أنفسهم ، والواو في قوله : { أولما } عطف جملة على جملة دخلت عليها ألف التقرير على معنى إلزام المؤمنين هذه المقالة في هذه الحال ، والمصيبة التي نالت المؤمنين هي : قصد - أحد - وقتل سبعين منهم ، واختلف في المثلين اللذين أصاب المؤمنين فقال قتادة والربيع : وابن عباس وجمهور المتأولين : ذلك في يوم بدر ، قتل المؤمنون من كفار قريش سبعين وأسروا سبعين ، وقال الزجّاج : أحد المثلين : هو قتل السبعين يوم بدر ، والثاني : هو قتل اثنين وعشرين من الكفار يوم - أحد - فهو قتل بقتل ، ولا مدخل للأسرى في هذه الآية ، هذا معنى كلامه ، لأن أسارى بدر أسروا ثم فدوا ، فلا مماثلة بين حالهم وبين قتل سبعين من المؤمنين ، و { أَنّى } - معناها : كيف ومن أين ؟ ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام أن يقول لهم : { هو من عند أنفسكم } ، واختلف الناس كيف هو من عند أنفسهم ولأي سبب ؟ فقال الجمهور من المفسرين : لأنهم خالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرأي حين رأى أن يقيم بالمدينة ويترك كفار قريش بشر محبس فأبوا إلا الخروج حتى جرت القصة ، وقالت طائفة : قوله تعالى : { من عند أنفسكم } إشارة إلى عصيان الرماة وتسبيبهم الهزيمة على المؤمنين . وقال الحسن وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما : بل ذلك لما قبلوا الفداء يوم بدر ، وذلك أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما فرغت هزيمة المشركين ببدر جاء جبريل عليه السلام إلى النبي عليه السلام فقال : يا محمد إن الله قد كره ما يصنع قومك في أخذ الأسارى ، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين : أن يقدموا الأسارى فتضرب أعناقهم ، أو يأخذوا الفداء ، على أن يقتل من أصحابك عدة هؤلاء الأسارى ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم فقالوا : يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا ، بل نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم ، فليس في ذلك ما نكره ، قال : فقتل منهم يوم أحد - سبعون رجلاً .