Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 195-195)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ استجاب } استفعل بمعنى أجاب ، فليس استفعل على بابه من طلب الشيء بل هو كما قال الشاعر : [ الطويل ] @ وداعٍ دَعَا يا مَنْ يُجيبُ إلى النَّدى فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ @@ أي لم يجبه ، وقوله : { أني } يجوز أن تكون " أن " مفسرة ويمكن أن تكون بمعنى " أني " ، وقرأ عيسى ابن عمر : " إني " بكسر الهمزة ، وهذه آية وعد من الله تعالى : أي هذا فعله مع الذين يتصفون بما ذكر ، وروي أن أم سلمة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله ، قد ذكر الله تعالى الرجال في الهجرة ولم يذكر النساء في شيء من ذلك ، فنزلت الآية ، ونزلت آيات في معناها فيها ذكر النساء ، وقوله : { من ذكر } تبيين لجنس العامل ، وقال قوم : { من } زائدة لتقدم النفي من الكلام وقوله تعالى : { بعضكم من بعض } يعني في الأجر وتقبل العمل ، أي إن الرجال والنساء في ذلك على حد واحد ، وبيّن تعالى حال المهاجرين ، ثم الآية بعد تنسحب على كل من أوذي في الله تعالى وهاجر أيضاً إلى الله تعالى وإن كان اسم الهجرة وفصلها الخاص بها قد انقطع بعد الفتح ، فالمعنى باق إلى يوم القيامة ، { والله يضاعف لمن يشاء } [ البقرة : 261 ] و " هاجر " مفاعلة من اثنين ، وذلك أن الذي يهجر وطنه وقرابته في الله كان الوطن والقرابة يهجرونه أيضاً فهي مهاجرة ، وقوله تعالى : { وأخرجوا من ديارهم } عبارة إلزام ذنب للكفار ، وذلك أن المهاجرين إنما أخرجهم سوء العشرة وقبيح الأفعال فخرجوا باختيارهم فإذا جاء الكلام في مضمار إلزام الذنب ، للكفار قيل أخرجوا من ديارهم ، وإخراج أهله منه أكبر عند الله ، إلى غير ذلك من الأمثلة ، وإذا جاء الكلام في مضمار الفخر والقوة على الأعداء ، تمسك بالوجه الآخر من أنهم خرجوا برأيهم ، فمن ذلك إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبي سفيان بن الحارث حين أنشده : [ الطويل ] @ ( وردني … إلى الله من طردت كل مطردِ ) @@ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت طردتني كل مطرد ؟ إنكاراً عليه ومن ذلك قول كعب بن زهير : [ البسيط ] @ في عصبةٍ مِنْ قريشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ ببطنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلاَ كُشُفٌ عِنْدَ اللّقَاءِ وَلاَ مِيلٌ مَعَازِيلُ @@ وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو : " وقاتلوا وقتُلوا " بتخفيف التاء وضم القاف ، ومعنى هذه القراءة بيّن ، وقرأ ابن كثير : " وقاتلوا وقتّلوا " بتشديد التاء وهي في المعنى كالأولى في المبالغة في القتل ، وقرأ حمزة والكسائي : " وقتلوا وقاتلوا " يبدآن بالفعل المبني للمفعول به ، وكذلك اختلافهم في سورة التوبة ، غير أن ابن كثير وابن عامر يشددان في التوبة ، ومعنى قراءة حمزة هذه : إما أن لا تعطى الواو رتبة لأن المعطوف بالواو يجوز أن يكون أولاً في المعنى وليس كذلك العطف بالفاء ، ويجوز أن يكون المعنى وقتلوا وقاتل باقيهم فتشبه الآية قوله تعالى : { فما وهنوا لما أصابهم } [ آل عمران : 146 ] على تأويل من رأى أن القتل وقع بالربيين ، وقرأ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : و " قَتَلوا " بفتح القاف والتاء من غير ألف ، و " قُتِلوا " بضم القاف وكسر التاء خفيفة ، وهي قراءة حسنة المعنى مستوفية للفضلين على الترتيب المتعارف ، وقرأ محارب بن ثار : " وقَتلوا " بفتح القاف " وقاتلوا " ، وقرأ طلحة بن مصرف : " وقُتّلوا " بضم القاف وشد التاء " وقاتلوا " وهذه يدخلها إما رفض رتبة الواو ، وإما أنه قاتل من بقي ، واللام في قوله : { لأكفرن } لام القسم و { ثواباً } مصدر مؤكد مثل قوله : { صنع الله } [ النمل : 88 ] و { كتاب الله عليكم } [ النساء : 24 ] وباقي الآية بين .