Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 196-198)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نزلت { لا يغرنك } في هذه الآية ، منزلة : لا تظن أن حال الكفار حسنة فتهتم لذلك ، وذلك أن المغتر فارح بالشىء الذي يغتر به ، فالكفار مغترون بتقلبهم والمؤمنون مهتمون به ، لكنه ربما يقع في نفس مؤمن أن هذا الإملاء للكفار إنما هو لخير لهم ، فيجيء هذا جنوحاً إلى حالهم ونوعاً من الاغترار فلذلك حسنت { لا يغرنك } ونظيره قول عمر لحفصة : لا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، المعنى : لا تغتري بما يتم لتلك من الإدلال فتقعي فيه فيطلقك النبي صلى الله عليه وسلم ، والخطاب للنبي عليه السلام ، والمراد أمته وللكفار في ذلك حظ ، أي لا يغرنكم تقلبهم ، وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب : " لا يغرنْك " بسكون النون خفيفة ، وكذلك " لا يصدنك ولا يصدنكم ولا يغرنكم " - وشبهه ، و " التقلب " : التصرف في التجارات والأرباح والحروب وسائر الأعمال ، ثم أخبر تعالى عن قلة ذلك المتاع ، لأنه منقض صائر إلى ذل وقل وعذاب . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : : " لكنّ الذين " ، بشد النون ، وعلى أن { الذين } في موضع نصب اسماً لـ " لكنّ " ، و { نزلاً } : معناه تكرمة ، ونصبه على المصدر المؤكد ، وقرأ الحسن : " نزْلاً " ساكنة الزاي ، وقوله تعالى : { وما عند الله خير للأبرار } يحتمل أن يريد : خير مما هؤلاء فيه من التقلب والتنعم ، ويحتمل أن يريد : خير مما هم فيه في الدنيا ، وإلى هذا ذهب ابن مسعود فإنه قال : ما من مؤمن ولا كافر إلا والموت خير له ، أما الكافر فلئلا يزداد إثماً ، وأما المؤمن فلأن ما عند الله خير للأبرار . قال أبو محمد : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " ، فقال القاضي ابن الطيب : هذا هو بالإضافة إلى ما يصير إليه كل واحد منهما في الآخرة ، فالدنيا على المؤمن المنعم سجن بالإضافة إلى الجنة ، والدنيا للكافر الفقير المضيق عليه في حاله صحته جنة بالإضافة إلى جهنم ، وقيل : المعنى أنها سجن المؤمن لأنها موضع تبعه في الطاعات وصومه وقيامه ، فهو فيها كالمعنت المنكل ، وينتظر الثواب في الأخرى التي هي جنته ، والدنيا جنة الكافر ، لأنها موضع ثوابه على ما عسى أن يعمل من خير ، وليس ينتظر في الآخرة ثواباً ، فهذه جنته ، وهذا القول عندي كالتفسير والشرح للأول .