Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 19-26)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مضمن هذه الآية طعن على الكفرة وتمثيل لهم بالعمى والظلمات وتمثيل المؤمنين بآرائهم بالبصراء والأنوار ، وقوله { ولا النور } ودخول { لا } فيها وفيما بعدها إنما هو على نية التكرار كأنه قال { ولا الظلمات } والنور ، { ولا النور } ولا الظلمات ، فاستغنى بذكر الأوائل عن الثواني ودل مذكور الآية على متروكه ، و { الحرور } شدة حر الشمس ، وقال رؤبة بن العجاج { الحرور } بالليل والسموم بالنهار ، وليس كما قال وإنما الأمر كما حكى الفراء وغيره أن السموم يختص بالنهار و { الحرور } يقال في حر الليل وفي حر النهار ، وتأول قوم { الظل } في هذه الآية الجنة ، و { الحرور } جهنم ، وشبه المؤمنين بـ { الأحياء } والكفرة بـ { الأموات } من حيث لا يفهمون الذكر ولا يقبلون عليه ، ثم رد الأمر إلى مشيئة الله تعالى بقوله { إن الله يسمع من يشاء } ، وقوله { وما أنت بمسمع من في القبور } تمثيل بما يحسه البشر ويعهده جميعنا من أن الميت الذي في القبر لا يسمع ، وأما الأرواح فلا نقول إنها في القبر بل تتضمن الأحاديث أن أرواح المؤمنين في شجر عند العرش وفي قناديل وغير ذلك ، وأن أرواح الكفرة في سجين ويجوز في بعض الأحيان أن تكون الأرواح عند القبور فربما سمعت وكذلك أهل قليب بدر إنما سمعت أرواحهم ، وكذلك سماع الميت خفق النعال إنما هو برد روحه عليه عند لقاء الملكين . قال القاضي أبو محمد : فهذه الآية لا تعارض حديث القليب لأن الله تعالى رد على أولئك أرواحهم في القليب ليوبخهم ، وهذا على قول عمر وابنه عبد الله وهو الصحيح إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما أنتم بأسمع منهم " ، وأما عائشة فمذهبها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسمعهم وأنه إنما قصد توبيخ الأحياء من الكفرة ، وجعلت هذه الآية أصلاً واحتجت بها ، فمثل الله تعالى في هذه الآية الكفرة بالأشخاص التي في القبور ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن " بمسمع من " على الإضافة ، ثم سلاه بقوله { إن أنت إلا نذير } أي ليس عليك غير ذلك ، والهداية والإضلال إلى الله تعالى و { بشيراً } معناه بالنعيم الدائم لمن آمن ، { ونذيراً } معناه بالعذاب الأليم لمن كفر ، وقوله تعالى : { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } معناه أن دعوة الله تعالى قد عمت جميع الخلق ، وإن كان فيهم من لم تباشره النذارة فهو ممن بلغته لأن آدم بعث إلى بنيه ثم لم تنقطع النذارة إلى وقت محمد صلى الله عليه وسلم ، والآيات التي تتضمن أن قريشاً لم يأتهم نذير ، معناه نذير مباشر ، وما ذكره المتكلمون من فرض أصحاب الفترات ونحوهم فإنما ذلك بالفرض لا أنه توجد أمة لم تعلم أن في الأرض دعوة إلى عبادة الله ، ثم سلى نبيه بما سلف من الأمم لأنبيائهم ، و { البينات والزبر والكتاب المنير } شيء واحد ، لكنه أكد أوصافه بعضها ببعض وذكره بجهاته و { الزبر } من زبرت الكتاب إذا كتبته ، ثم توعد قريشاً بذكره أخذ الأمم الكافرة .