Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 62-70)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الألف من قوله { أذلك } للتقرير ، والمراد تقرير قريش والكفار ، وجاء بلفظة التفضيل بين شيئين لا اشتراك بينهما من حيث كان الكلام تقريراً ، والاحتجاج يقتضي أن يوقف المتكلم خصمه على قسمين : أحدهما فاسد ويحمله بالتقرير على اختبار أحدهما ولو كان الكلام خبراً لم يجز ولا أفاد أن يقال الجنة خير من { شجرة الزقوم } وأما قوله تعالى { خير مستقراً } [ الفرقان : 24 ] فهذا على اعتقادهم في أن لهم مستقراً جيداً وقد تقدم إيعاب هذا المعنى . قال القاضي أبو محمد : وفي بعض البلاد الجدبة المجاورة للصحارى شجرة مرة مسمومة لها لبن إن مس جسم أحد تورهم ، ومات منه في أغلب الأمر تسمى شجرة الزقوم ، والتزقم في كلام العرب البلع على شدة وجهد ، وقوله تعالى : { إنا جعلناها فتنة للظالمين } قال قتادة والسدي ومجاهد : يريد أبا جهل ونظراءه وذلك أنه لما نزلت { أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم } ، قال الكفار ، وكيف يخبر محمد عن النار أنها تنبت الأشجار وهي تأكلها وتذهبها ففتنوا بذلك أنفسهم وجهلة من أتباعهم ، وقال أبو جهل : إنما الزقوم التمر بالزبد ونحن نتزقمه ، وقوله { في أصل الجحيم } معناه ملاصق نهاياتها التي لها كالجدرات ، وفي قراءة ابن مسعود " إنها شجرة ثابتة في أصل الجحيم " ، وقوله تعالى : { كأنه رؤوس الشياطين } اختلف الناس في معناه ، فقالت فرقة : شبه بثمر شجرة معروفة يقال لها { رؤوس الشياطين } وهي بناحية اليمن يقال لها الأستق ، وهو الذي ذكر النابغة في قوله : " تحيد من أستق سوداً أسافله " . ويقال إنه الشجر الذي يقال له الصوم وهو الذي يعني ساعدة بن جوبة في قوله : @ موكل بشدوق الصوم يرقبها من المغارب مخطوف الحشا زرم @@ وقالت فرقة : شبه بـ { رؤوس } صنف من الحيات يقال لها الشياطين وهي ذوات أعراف ومنه قول الشاعر : [ الرجز ] @ عجيز تحلف حين أحلف كمثل شيطان الحماط اعرف @@ وقالت فرقة : شبه بما استقر في النفوس من كراهة { رؤوس الشياطين } وقبحها ، وإن كانت لم تر ، وهذا كما تقول لكل شعث المنتفش الشعر الكريه المنظر هذا شيطان ونحو هذا قول امرىء القيس : [ الطويل ] @ أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال @@ فإنما شبه بما استقر في النفوس من هيبتها ، و " الشوب " المزاج والخلط ، قاله ابن عباس وقتادة ، وقرأ شيبان النحوي " لشُوباً " بضم الشين ، قال الزجاج : فتح الشين المصدر ، وضمه الاسم ، و " الحميم " السخن جداً من الماء ونحوه ، فيريد به ها هنا شرابهم الذي هو طينة الخبال صديدهم وما ينماع منهم ، هذا قول جماعة من المفسرين ، وقوله تعالى : { ثم إن مرجعهم } يحتمل أن يكون لهم انتقال أجساد في وقت الأكل والشرب ، ثم يرجعون إلى معظم الجحيم وكثرته ، ذكره الرماني وشبه بقوله تعالى : { يطوفون بينها وبين حميم آن } [ الرحمن : 44 ] ، ويحتمل أن يكون الرجوع إنما هو من حال ذلك الأكل المعذب إلى حال الاحتراق دون أكل ، وبكل احتمال قيل ، وفي مصحف ابن مسعود " وأن منقلهم لإلى الجحيم " ، وفي كتاب أبي حاتم عنه " مقيلهم " ، من القائلة وقوله تعالى : { إنهم ألفوا آباءهم ضالين } إلى آخر الآية تمثيل لقريش و { يهرعون } قال قتادة والسدي وابن زيد : معناه يسرعون كأنهم يساقون بعجلة وهذا تكسبهم للكفر وحرصهم عليه ، والإهراع سير شديد قال مجاهد : كهيئة الهرولة . قال القاضي أبو محمد : فيه شبه رعدة وكأنه أيضاً شبه سير الفازع .