Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 173-175)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا وعيد للمستنكفين الذين يدعون عبادة الله أنفة وتكبراً ، وهذا الاستنكاف إنما يكون من الكفار عن اتباع الأنبياء وما جرى مجراه ، كفعل حيي بن أخطب وأخيه أبي ياسر بمحمد عليه السلام ، وكفعل أبي جهل وغيره ، وإلا فإذا فرضت أحداً من البشر عرف الله تعالى ، فمحال أن تجده يكفر به تكبراً عليه ، والعناد المجوز إنما يسوق إليه الاستكبار عن البشر ، ومع تقارب المنازل في ظن المتكبر . وقوله تعالى : { يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم } الآية إشارة إلى محمد رسول الله ، و " البرهان " : الحجة النيرة الواضحة التي تعطي اليقين التام ، والمعنى : قد جاءكم مقترناً بمحمد برهان من الله تعالى على صحة ما يدعوكم إليه وفساد ما أنتم عليه من النحل ، وقوله تعالى : { وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً } يعني القرآن فيه بيان لكل شيء ، وهو الواعظ الزاجر ، الناهي الآمر . ثم وعد تبارك وتعالى المؤمنين بالله ، المعتصمين به ، والضمير فيه { به } يحتمل أن يعود على الله تعالى ، ويحتمل أن يعود على القرآن الذي تضمنه قوله تعالى : { نوراً مبيناً } و " الاعتصام " به التمسك بسببه وطلب النجاة والمنعة به ، فهو يعصم كما تعصم المعاقل ، وهذا قد فسره قول النبي صلى الله عليه وسلم : " القرآن حبل الله المتين من تمسك به عصم " و " الرحمة " و " الفضل " : الجنة وتنعيمها ، { ويهديهم } ، معناه : إلى الفضل ، وهذه هداية طريق الجنان ، كما قال تعالى : { سيهديهم ويصلح بالهم } [ محمد : 5 ] لأن هداية الإرشاد قد تقدمت وتحصلت حين آمنوا بالله واعتصموا بكتابه ، و { صراطاً } نصب بإضمار فعل يدل عليه { يهديهم } ، تقديره فيعرفهم ، ويحتمل أن ينتصب كالمفعول الثاني : إذ { يهديهم } في معنى يعرفهم ، ويحتمل أن ينتصب على ظرفية " ما " ويحتمل أن يكون حالاً من الضمير في { إليه } وقيل : من فضل ، والصراط : الطريق وقد تقدم تفسيره .