Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 57-60)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس } توبيخ لهؤلاء الكفرة المتكبرين ، كأنه قال : مخلوقات الله أكبر وأجل قدراً من خلق البشر ، فما لأحد منهم يتكبر على خالقه ، ويحتمل أن يكون الكلام في معنى البعث والإعادة ، فأعلم أن الذي خلق السماوات والأرض قوي قادر على خلق الناس تارة أخرى . والخلق على هذا التأويل مصدر مضاف إلى المفعول . وقال النقاش : المعنى مما يخلق الناس ، إذ هم في الحقيقة لا يخلقون شيئاً ، فالخلق في قوله : { من خلق الناس } مضاف إلى الفاعل على هذا التأويل . وقوله : { ولكن أكثر الناس } يقتضي أن الأقل منهم يعلم ذلك ، ولذلك مثل الأكثر الجاهل : بـ { الأعمى } ، والأقل العالم : بـ { البصير } ، وجعل : { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعادلهم قوله : { ولا المسيء } وهو اسم جنس يعم المسيئين ، وأخبر تعالى أن هؤلاء لا يستوون ، فكذلك الأكثر الجهلاء من الناس لا يستوون مع الأقل الذين يعلمون . وقرأ أكثر القراء والأعرج وأبو جعفر وشيبة والحسن : " يتذكرون " بالياء على الكناية عن الغائب . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وقتادة وطلحة وعيسى وأبو عبد الرحمن : " تتذكرون " بالتاء من فوق على المخاطبة . والمعنى : قل لهم يا محمد . ثم جزم الإخبار بأن الساعة آتية ، وهي القيامة المتضمنة للبعث من القبور والحساب بين يدي الله تعالى ، واقتران الجمع إلى الجنة وإلى النار . وقوله تعالى : { لا ريب فيها } ، أي في نفسها وذاتها ، وإن وجد من العالم من يرتاب فيها فليست فيها في نفسها ريبة . وقوله تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } آية تفضل ونعمة ووعد لأمة محمد صلى الله عليه وسلم بالإجابة عند الدعاء ، وهذا الوعد مقيد بشرط المشيئة لمن شاء تعالى ، لا أن الاستجابة عليه حتم لكل داع ، لا سيما لمن تعدى في دعائه ، فقد عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء الذي قال : اللهم أعطني القصر الأبيض الذي عن يمين الجنة . وقالت فرقة : معنى : { ادعوني } و { استجب } ، معناه : بالثواب والنصر ، ويدل على هذا التأويل قوله : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي } ويحتج له لحديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء هو العبادة " وقرأ هذه الآية . وقال ابن عباس : المعنى : وحدوني أغفر لكم . وقيل للثوري : ادع الله ، فقال : إن ترك الذنوب هو الدعاء . وقرأ ابن كثير وأبو جعفر : " سيُدخَلون " بضم الياء وفتح الخاء . وقرأ نافع وحمزة والكسائي وابن عامر والحسن وشيبة : بفتح الياء وضم الخاء ، واختلف عن أبي عمرو وعن عاصم . والداخر : هو الصاغر الذليل .