Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 15-19)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الضمير في : { جعلوا } لكفار قريش والعرب ، والضمير في : { له } لله تعالى : والجزء : القطع من الشيء ، وهو بعض الكل ، فكأنهم جعلوا جزءاً من عباده نصيباً له وحظاً ، وذلك في قول كثير من المتأولين قول العرب : الملائكة بنات الله ، وقال بعض أهل اللغة الجزء : الإناث ، يقال أجزأت المرأة إذا ولدت أنثى ، ومنه قول الشاعر : [ البسيط ] @ إن أجزأتْ حرة يوماً فلا عجب قد تجزئ المرأة المذكار أحيانا @@ وقد قيل في هذا البيت إنه بيت موضوع . وقال قتادة : المراد بالجزء : الأصنام وفرعون وغيره ممن عبد من دون الله ، أي جزءاً نداً ، فعلى هذا التأويل فتعقيب الكفرة في فصلين في أمر الأصنام وفي أمر الملائكة ، وعلى هذا التأويل الأول فالآية كلها في أمر الملائكة . وقوله تعالى : { إن الإنسان لكفور } أي بلفظ الجنس العام ، والمراد بعض الإنسان ، وهو هؤلاء الجاعلون ومن أشبههم . و : { مبين } في هذا الموضع غير متعد . وقوله تعالى : { أم اتخذ } إضراب وتقرير ، وهذه حجة بالغة عليهم . إذ المحمود من الأولاد والمحبوب قد خوله الله بني آدم ، فكيف يتخذ هو لنفسه النصيب الأدنى . { وأصفاكم } معناه : خصكم وجعل ذلك صفوة لكم ، ثم قامت الحجة عليهم في هذا المعنى وبانت بقوله تعالى : { وإذا بشر } الآية . و ؛ { مسوداً } خبر : { ظل } . والكظيم : الممتلئ غيظاً الذي قد رد غيظه إلى جوفه ، فهو يتجرعه ويروم رده ، وهذا محسوس عند الغيظ ، ثم زاد توبيخهم وإفساد رأيهم بقوله : { أو من ينشأ } . و : { من } في موضع نصب بفعل يدل عليه : { جعلوا } كأنه قال : أو من ينشأ في الحلية وهو الذي خصصتم به الله ونحو هذا ، والمراد به : { من } النساء ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي ، و : { ينشأ } معناه : ينبت ويكبر . وقرأ جمهور القراء : " يَنشأ " بفتح الياء . وقرأ ابن عباس وقتادة : " يُنشىء " بضم الياء على تعدية الفعل بالهمزة . وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص : " يُنشأ " بضم الياء وفتح الشين على تعدية الفعل بالتضعيف ، وهي قراءة ابن عباس أيضاً والحسن ومجاهد ، وفي مصحف ابن مسعود : " أومن لا ينشأ إلا في الحلية " . و : { الحلية } الحلي من الذهب والفضة والأحجار . و : { الخصام } المحاجة ومجاذبة المحاورة ، وقل ما تجد امرأة إلا تفسد الكلام وتخلط المعاني ، وفي مصحف ابن مسعود : " وهو في الكلام غير مبين " . و : { مبين } في هذه الآية متعد ، والتقدير { غير مبين } غرضاً أو منزعاً ونحو هذا . وقال ابن زيد : المراد بـ : { من ينشأ في الحلية } الآية : الأصنام والأوثان ، لأنهم كانوا يتخذون كثيراً منها من الذهب والفضة ، وكانوا يجعلون الحلي على كثير منها . ولما فرغ تعنيفهم على ما أتوا في جهة الله تعالى بقولهم : الملائكة بنات الله ، بين تعالى فساداً في مقالتهم بعينها من جهة أخرى من الفساد ، وذلك شنيع قولهم في عباد الله مختصين مقربين أنهم إناث . وقرأ أكثر السبعة وابن عباس وابن مسعود وابن جبير وعلقمة : " عباد الرحمن إناثاً " . وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر والحسن وأبو رجاء وأبو جعفر والأعرج وشيبة وقتادة وعمر بن الخطاب رضي الله عنه : " عند الرحمن إناثاً " وهذه القراءة أدل على رفع المنزلة وقربها في التكرمة كما قيل : ملك مقرب ، وقد يتصرف المعنيان في كتاب الله تعالى في وصف الملائكة في غير هذه الآية فقال تعالى : { بل عباد مكرمون } [ الأنبياء : 26 ] ، وقال تعالى في أخرى : { فالذين عند ربك } [ فصلت : 38 ] ، وفي مصحف ابن مسعود : " وجعلوا الملائكة عبد الرحمن إناثاً " . وقرأ نافع وحده " أَأُشهدوا " بالهمزتين وبلا مد بينهما ، وبفتح الأولى وضم الثانية وتسهيلها بين الهمزة والواو ، ورواها المفضل عن عاصم بتحقيق الهمزتين . وقرأ المسيبي عن نافع بمد بين الهمزتين . وقرأ أبو عمرو ونافع أيضاً وعلي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد : " أ . شهدوا " بتسهيل الثانية بلا مد . وقرأ جماعة من القراء بالتسهيل في الثانية ومدة بينهما . وقرأ آخرون : " أشهدوا " بهمزة واحدة بغير استفهام ، وهي قراءة الزهري ، وهي صفة الإناث ، أي مشهداً خلقهم . ومعنى الآية : التوبيخ وإظهار فساد عقولهم ، وادعائهم وأنها مجردة من الحجة ، وهذا نظير الآية الرادة على المنجمين وأهل البضائع ، وهي قوله تعالى : { ما أشهدتم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } [ الكهف : 51 ] الآية . وقرأ جمهور الناس : " ستُكتب شهادتُهم " برفع الشهادة وبناء الفعل للمفعول . وقرأ الأعرج وابن عباس وأبو جعفر وأبو حيوة . " سنكتب " بنون الجمع " شهادتَهم " بالنصب وقرأت فرقة : " سيكتب " بالياء على معنى : سيكتب الله " شهادتَهم " بالنصب . وقرأ الحسن بن أبي الحسن : " ستُكتب شهاداتُهم " على بناء الفعل للمفعول وجمع الشهادات . وفي قوله تعالى : { ويسألون } وعيد مفصح . و : { أشهدوا } في هذه الآية معناه : أحضروا وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدى .