Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 31-35)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الضمير في { قالوا } لقريش ، وذلك أنهم استبعدوا أولاً أن يرسل الله بشراً ، فلما تقرر أمر موسى وعيسى وإبراهيم ولم يكن لهم في ذلك مدفع ، رجعوا يناقضون فيما يخض محمداً عليه السلام بعينه ، فقالوا : لم كان محمد ولم يكن نزول الشرع { على رجل } من إحدى الفرقتين { عظيم } ، وقدر المبرد قولهم على رجل من رجلين من القريتين ، والقريتان : مكة والطائف ، ورجل مكة الذي أشاروا إليه : قال ابن عباس وقتادة هو : الوليد بن المغيرة المخزومي . وقال مجاهد هو : عتبة بن ربيعة . وقال قتادة : بلغنا أنه لم يبق فخذ من قريش إلا ادعاه . ورجل الطائف قال قتادة هو : عروة بن مسعود . وقال ابن عباس : حبيب بن عبد بن عمير . وقال مجاهد : كنانة بن عبد ياليل . قال القاضي أبو محمد : وإنما قصدوا إلى من عظم ذكره بالسن والقدم ، وإلا فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان حينئذ أعظم من هؤلاء ، لكن لما عظم أولئك قبل مدة النبي وفي صباه استمر ذلك لهم . ثم وقف على جهة التوبيخ لهم بقوله : { أهم يقسمون رحمة ربك } المعنى على اختيارهم وإرادتهم تنقسم الفضائل والمكانة عند الله . والرحمة : اسم يعم جميع هذا . ثم أخبر تعالى خبراً جازماً بأنه قاسم المعايش والدرجات في الدنيا ليسخر بعض الناس بعضاً ، المعنى فإذا كان اهتمامنا بهم أن نقسم هذا الحقير الفاني ، فأحرى أن نقسم الأهم الخطير . وفي قوله تعالى : { نحن قسمنا بينهم معيشتهم } تزهيد في السعايات ، وعون على التوكل على الله تعالى ، ولله در القائل : [ الرجز ] @ لما أتى نحن قسمنا بينهم زال المرا @@ وقرأ الجمهور : " معيشتهم " . وقرأ ابن مسعود والأعمش : " معائشهم " . وقرأ جمهور الناس " سُخرياً " بضم السين . وقرأ أبو رجاء وابن محيصن : " سِخرياً " بكسر السين ، وهما لغتان في معنى التسخير ، ولا مدخل لمعنى الهزء في هذه الآية . وقوله تعالى : { ورحمة ربك خير مما يجمعون } قال قتادة والسدي : يعني الجنة . قال القاضي أبو محمد : لا شك أن الجنة هي الغاية ، ورحمة الله في الدنيا بالهداية ، والإيمان خير من كل مال ، وهذا اللفظ تحقير للدنيا ، ثم استمر القول في تحقيرها بقوله : { ولولا أن يكون للناس } الآية ، وذلك أن معنى الآية : أن الله تعالى أبقى على عبيده وأنعم بمراعاة بقاء الخير والإيمان وشاء حفظه على طائفة منهم بقية الدهر ، ولولا كراهية أن يكون الناس كفاراً كلهم وأهل حب في الدنيا وتجرد لها لوسع على الكفار غاية التوسعة ومكنهم من الدنيا ، إذ حقارتهم عنده تقتضي ذلك ، لأنها لا قدر لها ولا وزن لفنائها وذهاب رسومها ، فقوله : { أمة واحدة } معناه : في الكفر ، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي ، ومن هذا المعنى قول النبي عليه السلام : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء " ثم يتركب معنى الآية على معنى هذا الحديث . واللام في قوله : { لكن يكفر بالرحمن } لام الملك . واللام في قوله : { لبيوتهم } لام تخصيص ، كما تقول : هذا الكساء لزيد لدابته ، أي هو لدابته حلس ولزيد ملك . قال المهدوي : ودلت هذه الآية على أن السقف لرب البيت الأسفل لا لصاحب العلو ، إذ هو منسوب إلى البيوت ، وهذا تفقه واهن . وقرأ جمهور القراء : " سقُفا " بضم السين والقاف . وقرأ مجاهد : " سَقْفاً " بضم السين وسكون القاف على الإفراد . والمعارج : الأدراج التي يطلع عليها ، قاله ابن عباس وقتادة والناس . وقرأ طلحة : " معاريج " بزيادة ياء . و : { يظهرون } معناه يعلون ، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها : والشمس في حجرتها لم تظهر . والسرر : جمع سرير . واختلف الناس في الزخرف ، فقال ابن عباس والحسن وقتادة والسدي : الزخرف : الذهب نفسه وروي عن النبي عليه السلام أنه قال : " إياكم والحمرة فإنها من أحب الزينة إلى الشيطان " . قال القاضي أبو محمد : الحسن أحمر ، والشهوات تتبعه . وقال ابن زيد : الزخرف أثاث البيت وما يتخذ له من الستور والنمارق ونحوه . وقالت فرقة الزخرف : التزاويق والنقش ونحوه من التزيين وشاهد هذا القول : { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت } [ يونس : 24 ] . وقرأ جمهور القراء : " وإن كل ذلك لمَا " بتخفيف الميم من " لمَا " فـ " إنْ " مخففة من الثقيلة ، واللام في : " لمَا " داخلة لتفصل بين النفي والإيجاب . وقرأ عاصم وحمزة وهشام بخلاف عنه ، والحسن وطلحة والأعمش وعيسى : " لمَّا متاع " بتشديد الميم من " لمّا " فإن " لمّا " نافية بمعنى ما . و { لما } : بمعنى : إلا ، وقد حكى سيبويه نشدتك الله لما فعلت ، وحمله على إلا . وفي مصحف أبي بن كعب : " وما ذلك إلا متاع الحياة الدنيا " . وقرأ أبو رجاء : " لِمَا " بكسر اللام وتخفيف ، الميم ، فـ " ما " بمعنى الذي ، والعائد عليها محذوف ، والتقدير : وإن كل ذلك للذي هو متاع الحياة الدنيا . وفي قوله تعالى : { والآخرة عند ربك للمتقين } وعد كريم وتحريض على التقوى ، إذ في الآخرة هو التباين في المنازل .