Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 33-35)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
روي أن هذه الآية نزلت في بني أسد من العرب ، وذلك أنهم أسلموا وقالوا لرسول الله عليه السلام : نحن قد آثرناك على كل شيء وجئناك بنفوسنا وأهلنا ، كأنهم منوا بذلك ، فنزل فيهم : { يمنون عليك أن أسلموا } [ الحجرات : 17 ] ونزلت فيهم هذه الآية . قال القاضي أبو محمد : فإن كان هذا فالإبطال الذي نهوا عنه ليس بمعنى الإفساد التام ، لأن الإفساد التام لا يكون إلا بالكفر ، وإلا فالحسنات لا تبطلها المعاصي ، وإن كانت الآية عامة على ظاهرها نهي الناس عن إبطال أعمالهم بالكفر ، والإبطال هو الإفساد التام . وقوله تعالى : { إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار } روي أنها نزلت بسبب " عدي بن حاتم قال : يا رسول الله إن حاتماً كانت له أفعال بر فما حاله ؟ فقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم " هو في النار " ، فبكى عدي وولى ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : " أبي وأبوك وأبو إبراهيم خليل الرحمن في النار " ونزلت هذه الآية في ذلك ، وظاهر الآية العموم في كل ما تناولته الصفة . وقوله تعالى : { فلا تهنوا } معناه : فلا تضعفوا ، من وهن الرجل إذا ضعف . وقرأ جمهور الناس : " وتدعوا " وقرأ أبو عبد الرحمن : " وتدّعوا " بشد الدال . وقرأ جمهور القراء : " إلى السَلم " بفتح السين . وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم : " إلى السِلم " بكسر السين . وهي قراءة الحسن وأبي رجاء والأعمش وعيسى وطلحة وهو بمعنى المسالمة . وقال الحسن بن أبي الحسن وفرقة ممن كسر السين إنه بمعنى إلى الإسلام ، أي لا تهنوا وتكونوا داعين إلى الإسلام فقط دون مقاتلين بسببه . وقال قتادة معنى الآية : لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت للأخرى . قال القاضي أبو محمد : وهذا حسن ملتئم مع قوله : { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } [ الأنفال : 61 ] . وقوله : { وأنتم الأعلون } يحتمل موضعين أحدهما : أن يكون في موضع الحال ، المعنى : لا تهنوا وأنتم في هذه الحال . والمعنى الثاني : أن يكون إخباراً بنصره ومعونته . و " يتر " ، معناه ينقص ويذهب ، ومنه قوله عليه السلام : " من ترك صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " أي ذهب بجميع ذلك على جهة التغلب والقهر ، والمعنى : لن يتركم ثواب أعمالكم وجزاء أعمالكم . واللفظة مأخوذة من الوتر الذي هو الدحل ، وذهب قوم إلى أنه مأخوذ من الوتر الذي هو الفرد ، المعنى لن يفردكم من ثواب أعمالكم ، والأول أصح ، وفسر ابن عباس وأصحابه { يتركم } بيظلمكم .