Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 36-38)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إنما الحياة الدنيا لعب ولهو } تحقير لأمر الدنيا ، أي فلا تهنوا في الجهاد بسببها ، ووصفها باللعب واللهو هو على أنها وما فيها مما يختص بها لعب ، وإلا ففي الدنيا ما ليس بلعب ولا لهو ، وهو الطاعة وأمر الآخرة وما جرى مجراه . وقوله تعالى : { وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم } معناه هذا هو المطلوب منكم لا غيره ، لا تسألون أموالكم أن تنفقوها في سبيل الله . وقال سفيان بن عيينة : لا يسألكم كثيراً من أموالكم إحفاء إنما يسألكم غيضاً من فيض ربع العشر فطيبوا أنفسكم ، ثم قال تعالى منبهاً على خلق ابن آدم { إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا } والإحفاء هو أشد السؤال وهو المخجل المخرج ما عند المسؤول كرهاً ، ومنه حفاء الرجل . والتحفي من البحث عن الشيء . وقوله : { تبخلوا } جزم على جواب شرط . وقرأ جمهور القراء : " ويخرجْ " جزماً على { تبخلوا } . وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو : " ويخرجُ " بالرفع على القطع ، بمعنى هو يخرج ، وحكاها أبو حاتم عن عيسى وقرأت فرقة : { و } بالنصب على معنى : يكن بخل وإخراج ، فلما جاءت العبارة بفعل دل على أن التي مع الفعل بتأويل المصدر الذي هو الإخراج ، والفاعل في قوله : { ويخرج } على كل الاختلافات يحتمل أن يكون الله ، ويحتمل أن يكون البخل الذي تضمنه اللفظ ، ويحتمل أن يكون السؤال الذي يتضمنه اللفظ أيضاً . وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن سيرين وابن محيصن وأيوب : " يخرج " بفتح الياء " أضغانُكم " رفعاً على أنها فاعلة وروي عنهم : " وتُخرَج " بضم التاء وفتح الراء على ما لم يسم فاعله . وقرأ يعقوب : " ونُخرِج " بضم النون وكسر الراء " أضغانَكم " نصباً . والأضغان كما قلنا معتقدات السوء ، وهذا الذي كان يخاف أن يعتري المسلمين هو الذي تقرب به محمد بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف حين قال له : إن هذا الرجل قد أكثر علينا وطلب منا الأموال ثم وقف تعالى عباده المؤمنين على جهة التوبيخ لبعضهم { ها أنتم هؤلاء } وكرر هاء التنبيه تأكيداً . وقوله : { عن نفسه } يحتمل معنيين ، أحدهما : فإنما يبخل عن شح نفسه ، والآخر أن يكون بمنزلة على ، لأنك تقول : بخلت عليك وبخلت عنك ، بمعنى : أمسكت عنك . وقوله تعالى : { والله الغني وأنتم الفقراء } معنى مطرد في قليل الأشياء وكثيرها . وقوله تعالى : { يستبدل قوماً غيركم } قيل الخطاب لقريش ، والقوم الغير هم أهل المدينة . وقال عبد الرحمن بن جبير وشريح بن عبيد : الخطاب لمن حضر المدينة . والقوم الغير : فارس . وروى أبو هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذا وكان سلمان إلى جنبه فوضع يده على فخذه وقال : " قوم هذا ، لو كان الدين بالثريا لناله رجال من أهل فارس " " . وقوله : { أمثالكم } معناه في الخلاف والتولي والبخل بالأموال ونحو هذا ، وحكى الثعلبي أن القوم الغير : هم الملائكة . نجز تفسير سورة القتال ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً .