Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 78-80)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما قصد قصد ربه قال هذا فذكر أي هذا المرئيّ أو المنير ونحو هذا ، فما أفلت الشمس لم يبق شيء يمثل لهم به ، فظهرت حجته وقوي بذلك على منابذتهم والتبري من إشراكهم ، وقوله : { إني بريء مما تشركون } يؤيد قول من قال : النازلة في حال الكبر والتكليف : و { وجهت وجهي } أي أقبلت بقصدي وعبادتي وتوحيدي وإيماني وغير ذلك مما يعمه المعنى المعبر عنه بـ { وجهي } ، و { فطر } معناه : ابتدع في أجرام ، و { حنيفاً } معناه مستقيماً ، والحنف الميل في كلام العرب ، وأصله في الأشخاص وهو في المعاني مستعار ، فالمعوج في الأجرام أحنف على الحقيقة أي مائل والمستقيم فيها أحنف على تجوز كأنه مال عن كل جهة إلى القوام و { حاجه } فاعله من الحجة ، قال أتراجعوني في الحجة في توحيد الله ، وقرأت فرقة " أتحاجونني " بإظهار النونين وهو الأصل ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي " أتحاجوني " بإدغام النون الأولى في الثانية ، وقرأ نافع وابن عامر " أتحاجوني " بحذف النون الواحدة فقيل : هي الثانية وقيل هي الأولى , ويدل على ذلك أنها بقيت مكسورة , قال أبو علي الفارسي : لا يجوز أن تحذف الأولى لأنها للإعراب وإنما حذفت الثانية التي هي توطئة لياء المتكلم كما حذفت في " ليتي " وفي قول الشاعر : [ الوافرُ ] @ يسوءُ الفالياتِ إذا فَلَيْنِي @@ وكسرت بعد ذلك الأولى الباقية لمجاورتها للياء { وقد هداني } أي أرشدني إلى معرفته وتوحيده ، وأمال الكسائي " هدانِ " والإمالة في ذلك حسنة وإذا جازت الإمالة في غزا ودعا هما من ذوات الواو فهي في " هدانِ " التي هي من ذوات الياء أجوز وأحسن ، وحكي أن الكفار قالوا لإبراهيم عليه السلام خف أن تصيبك آلهتنا ببرص أو داء لإذايتك لها وتنقصك ، فقال لهم لست أخاف الذي تشركون به ، لأنه لا قدرة له ولا غناء عنده و { ما } في هذا الموضع بمعنى الذي ، والضمير في { به } يحتمل أن يعود على الله عز وجل فيكون على هذا في قوله { تشركون } ضمير عائد على { ما } تقدير الكلام ولا أخاف الأصنام التي تشركونها بالله في الربوبية ، ويحتمل أن يعود الضمير على { ما } فلا يحتاج إلى غيره ، كأن التقدير ما تشركون بسببه ، وقوله تعالى : { إلا أن يشاء ربي شيئاً } استثناء ليس من لأول و { شيئاً } منصوب بـ { يشاء } ، ولما كانت قوة الكلام أنه لا يخاف ضراً استثنى مشيئتة ربه تعالى في أن يريده بضر ، و { علماً } نصب على التمييز وهو مصدر بمعنى الفاعل ، كما تقول العرب : تصبب زيد عرقاً ، المعنى تصبب عرق زيد فكذلك المعنى هنا وسع علم ربي كل شيء { أفلا تتذكرون } توقيف وتنبيه وإظهار لموضع التقصير منهم .