Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 81-83)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية إلى { تعلمون } هي كلها من قول إبراهيم عليه السلام لقومه ، وهي حجته القاطعة لهم ، المعنى : وكيف أخاف الأصنام التي لا خطب لها وهي حجارة وخشب إذا أنا نبذتها ولم أعظمها ، ولا تخافون أنتم الله عز وجل وقد أشركتم به في الربوبية أشياء لم ينزل بها عليكم حجة ، و " السلطان " : الحجة ، ثم استفهم على جهة التقرير { فأي الفريقين أحق بالأمن } أي من لم يشرك بالقادر العالم أحق أن يأمن وقوله تعالى : { الذين آمنوا } الآية ، { الذين } رفع بالابتداء ، و { يلبسوا } معناه يخلطوا ، و " الظلم " في هذه الآية الشرك تظاهرت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن جماعة من الصحابة أنه لما نزلت هذه الآية أشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أيّنا لم يظلم نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما ذلك كما قال لقمان : إن الشرك لظلم عظيم " وروي أن عمر بن الخطاب قرأ في المصحف فلما أتى عليها عظمت عليه ، فلبس رداءه ومر إلى أبي ابن كعب ، فقال : يا أبا المنذر وسأله عنها ، فقال له إنه الشرك يا أمير المؤمنين ، فسري عن عمر ، وجرى لزيد بن صوحان مع سلمان نحو مما جرى لعمر مع أبي بن كعب رضي الله عنهم ، وقرأ مجاهد ، " ولم يلبسوا إيمانهم بشرك " وقرأ عكرمة " يُلبسوا " بضم الياء ، و { الأمن } رفع بالابتداء وخبره في المجرور والجملة خبر { أولئك } ، { وهم مهتدون } أي راشدون ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : المراد بهذه الآية إبراهيم خاصة ، وقال عكرمة : نزلت في مهاجري أصحاب محمد عليه السلام خاصة ، وقالت فرقة : هي من قول إبراهيم لقومه فهي من الحجة التي أوتيها ، وقال ابن جريج هي من قول قوم إبراهيم ويجيء هذا من الحجة أيضاً أن أقروا بالحق وهم قد ظلموا في الإشراك ، وقال ابن إسحاق وابن زيد وغيرهما : بل ذلك قول من الله عز وجل ابتداء حكم فصل عام لوقت محاجة إبراهيم وغيره ولكل مؤمن تقدم أو تأخر . قال القاضي أبو محمد : وهذا هو البين الفصيح الذي يرتبط به معنى الآية ويحسن ورصفها ، وهو خبر من الله تعالى { وتلك } إشارة إلى هذه الحدة المتقدمة وهي رفع بالابتداء و { حجتنا } خبره و { آتيناها } في موضع الحال ، ويجوز أن تكون { حجتنا } بدلاً من تلك وآتيناها خبر " تلك " " وإبراهيم " مفعول بـ " آتيناها " , والضمير مفعول أيضاً بـ { آتيناها } مقدم و { على } متعلقة بقوله { حجتنا } وفي ذلك فصل كثير ، ويجوز أن تتعلق على بـ " آتيناها " على المعنى إذ أظهرناها لإبراهيم على قومه ونحو هذا ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر " نرفع درجاتِ من نشاء " بإضافة الدرجات إلى { من } ، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي " نرفع درجاتٍ من نشاء " . قال القاضي أبو محمد : وهما مأخذان من الكلام ، والمعنى المقصود بهما واحد ، و { درجات } على قراءة من نون نصب على الظرف ، و { عليم حكيم } صفتان تليق بهذا الموضع إذ هو موضع مشيئة واختيار فيحتاج ذلك إلى العلم والإحكام ، والدرجات أصلها في الأجسام ثم تستعمل في المراتب والمنازل المعنوية .