Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 16-28)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ جمهور القراء " ثم نتبعُهم " بضم العين على استئناف الخبر ، وقرأ أبو عمرو فيما روي عنه " ثم نتبعْهم " بجزم العين عطفاً على { نهلك } وهي قراءة الأعرج وبحسب هاتين القراءتين يجيء التأويل في { الأولين } ، فمن قرأ الأولى جعل { الأولين } الأمم التي قدمت قريشاً بأجمعها ، ثم أخبر أنه يتبع { الآخرين } من قريش وغيرهم سنن أولئك إذا كفروا وسلكوا سبيلهم . ومن قرأ الثانية جعل { الأولين } قوم نوح وإبراهيم ومن كان معهم ، و { الآخرين } قوم فرعون وكل من تأخر وقرب من مدة محمد صلى الله عليه وسلم . وفي حرف عبد الله " وسنتبعهم " ثم قال { كذلك نفعل بالمجرمين } أي في المستقبل فتدخل هنا قريش وغيرها من الكفار ، وأما تكرار { ويل يؤمئذ للمكذبين } في هذه السورة فقيل إن ذلك لمعنى التأكيد فقط ، وقيل بل في كل آية منها ما يقتضي التصديق ، فجاء الوعد على التكذيب بذلك الذي في الآية ، ثم وقف تعالى على أصل الخلقة الذي يقتضي النظر فيها تجويز البعث و " الماء المهين " : معناه الضعيف وهو المني من الرجل والمرأة . " والقرار المكين " : الرحم أو بطن المرأة ، و " القدر المعلوم " : وقت الولادة ومعلوم عند الله في شخص ، فأما عند الآدميين فيختلف فليس بمعلوم قدر شخص بعينه ، وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونافع والكسائي " فقدّرنا " بشد الدال ، وقرأ الباقون " فقدَرنا " بتخفيف الدال ، وهما بمعنى من القدرة ، والقدر من التقدير والتوقيف وقوله { القادرون } يرجح قراءة الجماعة . أما أن ابن مسعود روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر القادرين بالمقدرين . وقدر ابن أبي عبلة " فقدّرنا " بشد الدال " فنعم المقتدرون " و " الكفات " : الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع ، تقول كفت الرجل شعره إذا جمعه بخرقة ، فالأرض تكفت الأحياء على ظهرها ، وتكفت الأموات في بطنها و { أحياء } على هذا التأويل مُعمول لقوله { كفاتاً } لأنه مصدر . وقال بعض المتأولين { أحياء وأمواتاً } إنما هو بمعنى أن الأرض فيها أقطار أحياء وأقطار أموات يراد ما ينبت وما لا ينبت ، فنصب { أحياء } على هذا إنما هو على الحال من { الأرض } ، والتأويل الأولى أقوى . وقال بنان خرجنا مع الشعبي إلى جنازة فنظر إلى الجبانة فقال : هذه كفات الموتى ، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء ، وكانت العرب تسمي بقيع الغرقد كفتة لأنها مقبرة تضم الموتى ، وفي الحديث " خمروا آنيتكم وأوكئوا أسقيتكم واكفتوا صبيانكم وأجيفوا أبوابكم وأطفئوا مصابيحكم " . ودفن ابن مسعود قملة في المسجد ثم قرأ { ألم نجعل الأرض كفاتاً } . قال القاضي أبو محمد : ولما كان القبر { كفاتاً } كالبيت قطع من سرق منه . و " الرواسي " : الجبال : لأنه رست أي ثبتت ، و " الشامخ " : المرتفع ، ومنه شمخ بأنفه أي ارتفع واستعلى شبه المعنى بالشخص ، و " أسقى " معناه : جعله سقياً للغلات والمنافع ، وسقى معناه للشفة خاصة ، هذا قول جماعة من أهل اللغة وقال آخرون هما بمعنى واحد ، و " الفرات " : الصافي العذب ، ولا يقال للملح فرات وهي لفظة تجمع ماء المطر ومياه الأنهار وخص النهر المشهور بهذا تشريفاً له وهو نهر الكوفة ، وسيحان هو نهر بلخ ، وجيحان هو دجلة ، والنيل نهر مصر ، وحكي عن عكرمة أن كل ماء في الأرض فهو من هذه ، وفي هذا بعد والله أعلم .