Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 84, Ayat: 16-25)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

" لا " زائدة ، والتقدير فأقسم ، وقيل : " لا " راد على أقوال الكفار وابتداء القول { أقسم } ، وقسم الله تعالى بمخلوقاته هو على جهة التشريف لها ، وتعريضها للعبرة ، إذ القسم بها منبه منها , و { الشفق } ، الحمرة التي تعقب غيبوبة الشمس مع البياض التابع لها في الأغلب ، وقيل { الشفق } هنا النهار كله قاله مجاهد ، وهذا قول ضعيف ، وقال أبو هريرة وعمر بن عبد العزيز : { الشفق } : البياض الذي تتلوه الحمرة ، و { وسق } : معناه جمع وضم ، ومنه الوسق أي الأصوع المجموعة ، والليل يسق الحيوان جملة أي يجمعها في نفسه ويضمها ، وكذلك جميع المخلوقات التي في أرض والهواء من البحار والجبال والرياح وغير ذلك ، و " اتساق القمر " : كماله وتمامه بدراً ، فالمعنى امتلأ من النور ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وابن عباس وعمر بخلاف عنهما ، وأبو جعفر والحسن والأعمش وقتادة وابن جبير : " لتركبُن " بضم الباء على مخاطبة الناس ، والمعنى " لتركبن " الشدائد : الموت والبعث والحساب حالاً بعد حال أو تكون من النطفة إلى الهرم كما تقول طبقة بعد طبقة و { عن } تجيء في معنى بعد كما يقال : ورث المجد كابراً عن كابر وقيل المعنى " لتركبن " هذه الأحوال أمة بعد أمة ، ومنه قول العباس بن عبد المطلب عن النبي عليه السلام : @ وأنت لما بعثت أشرقت الأ رض وضاءت بنورك الطرق تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى علم بدا طبق @@ أي قرن من الناس لأنه طبق الأرض ، وقال الأقرع بن حابس : [ البسيط ] @ إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره وساقني طبق منه إلى طبق @@ أي حال بعد حال ، وقيل المعنى : " لتركبن " الآخرة بعد الأولى ، وقرأ عمر بن الخطاب أيضاً : " ليركبن " على أنهم غيب ، والمعنى على نحو ما تقدم ، وقال ابو عبيدة ومكحول : المعنى " لتركبن " سنن من قبلكم . قال القاضي أبو محمد : كما جاء في الحديث : " شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع " ، فهذا هو { طبق عن طبق } ، ويلتئم هذا المعنى مع هذه القراءة التي ذكرنا عن عمر بن الخطاب ، ويحسن مع القراءة الأولى ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وعمرو بن مسعود ومجاهد والأسود وابن جبير ومسروق والشعبي وأبو العالية وابن وثاب وعيسى : " لتركبَن " ، بفتح الباء على معنى : أنت يا محمد ، وقيل المعنى : حال بعد حال من معالجة الكفار ، وقال ابن عباس المعنى : سماء بعد سماء في الإسراء ، وقيل هي عدة بالنصر ، أي " لتركَبن " العرب قبيلاً بعد قبيل ، وفتحاً بعد فتح كما كان ووجد بعد ذلك ، قال ابن مسعود : المعنى : " لتبركبَن " السماء في أهوال القيامة ، حالاً بعد حال تكون كالمهل وكالدهان وتتفطر وتتشقق ، فالسماء هي الفاعلة ، وقرأ ابن عباس أيضاً وعمر رضي الله عنهما : " ليركبن " بالياء على ذكر الغائب ، فإما أن يراد محمد صلى الله عليه وسلم على المعاني المتقدمة ، وقاله ابن عباس يعني : نبيكم صلى الله عليه وسلم ، وإما ما قال الناس في كتاب النقاش من أن المراد : القمر ، لأنه يتغير أحوالاً من سرار واستهلال وإبدار ، ثم وقف تعالى نبيه ، والمراد أولئك الكفار بقوله : { فما لهم لا يؤمنون } ، أي من حجتهم مع هذه البراهين الساطعة ، وقرأ الجمهور : " يُكذّبون " بضم الياء وشد الذال ، وقرأ الضحاك : بفتح الباء وتخفيف الذال وإسكان الكاف ، و { يوعون } معناه : يجمعون من الأعمال والتكذيب والكفر ، كأنهم يجعلونها في أوعية ، تقول : وعيت العلم وأوعيت المتاع ، وجعل البشارة في العذاب لما صرح له ، وإذا جاءت مطلقة ، فإنما هي من الخبر ، ثم استثنى تعالى من كفار قريش القوم الذين كان سبق لهم الإيمان في قضائه ، و { ممنون } معناه : مقطوع من قولهم : حبل منين أي مقطوع ، ومنه قول الحارث بن حلّزة اليشكري : [ الخفيف ] @ فترى خلفهن من شدة الرجع منيناً كأنني أهباء @@ يريد غباراً متقطعاً ، وقال ابن عباس : { ممنون } بمعنى : معدود عليهم محسوب منغص بالمن .