Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 52-53)
Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فالمعنى في هذه الآية الرد على المنافقين في معتقدهم في المؤمنين ، وإزالة ظنهم أن المؤمنين تنزل بهم مصائب ، والإعلام بأنها حسنى كيف تصرفت ، و { تربصون } معناه تنتظرون و " الحسنيان " الشهادة والظفر وقرأ ابن محيصن : " إلا احدى الحسنيين " بوصل ألف { إحدى } . قال القاضي أبو محمد : وهذه لغة ليست بالقياس وهذا مثل قول الشاعر : [ الكامل ] @ يا أبا المغيرة رب أمر معضل @@ وقول الآخر : [ الكامل ] @ إن لم أقاتل فالبِسيني برقعا @@ وقوله { بعذاب من عنده } ، يريد الموت بأخذات الأسف ، ويحتمل أن يكون توعداً بعذاب الآخرة ، وقوله { بأيدينا } ، يريد القتل وقيل { بعذاب من عنده } يريد أنواع المصائب والقوارع وقوله : { فتربصوا إنَّا معكم متربصون } وعيد وتهديد ، وقوله { قل أنفقوا طوعاً أو كرهاً } سببها : أن الجد بن قيس حين قال { ائذن لي ولا تفتني } [ التوبة : 49 ] قال إني أعينك بمال فنزلت هذه الآية فيه وهي عامة بعده ، والطوع والكره يعمان كل إنفاق ، وقرأ ابن وثاب والأعمش " وكُرها " بضم الكاف . قال القاضي أبو محمد : ويتصل ها هنا ذكر أفعال الكافر إذا كانت براً كصلة القرابة وجبر الكسير وإغاثة المظلوم هل ينتفع بها أم لا ، فاختصار القول في ذلك أن في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن ثواب الكافر على أفعاله البرة هو في الطعمة يطعمها " ونحو ذلك ، فهذا مقنع لا يحتاج معه إلى نظر وأما ينتفع بها في الآخرة فلا ، دليل ذلك أن عائشة أم المؤمنين قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله : أرأيت عبد الله بن جدعان أينفعه ما كان يطعم ويصنع من خير فقال : " لا إنه لم يقل يوماً ، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين " ودليل آخر في قول عمر رضي الله عنه لابنه : ذاك العاصي بن وائل لا جزاه الله خيراً وكان هذا القول بعد موت العاصي ، الحديث بطوله ، ودليل ثالث في حديث حكيم بن حزام على أحد التأويلين : أعني في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أسلمت على ما سلف لك من خير " ، ولا حجة في أمر أبي طالب كونه في ضحضاح من نار لأن ذلك إنما هو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ، وبأنه وجده في غمرة النار فأخرجه ، ولو فرضنا أن ذلك بأعماله لم يحتج إلى شفاعة ، وأما أفعال الكافر القبيحة فإنها تزيد في عذابه وبذلك هو تفاضلهم في عذاب جهنم ، وقوله : { أنفقوا } أمر في ضمنه جزاء وهذا مستمر في كل أمر معه جواب فالتقدير : إن لم تنفقوا لم يتقبل منكم ، وأما إذا عري الأمر من جواب فليس يصحبه تضمن الشرط .